وقل الحق من ربكم


بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد جاء الحق من عند الله عز وجل، وهو وحى إلهى وتشريع ربانى فقال تعالى كما جاء فى سورة النساء” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ” وقال تعالى فى سورة النساء ” يا أيها الناس قد حاءكم برهان من ربكم” وإن المصدر من المصدرية، فقال تعالى فى سورة النساء ” من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا” فليس الحق نابع من إرادة، أو طبقة، أو حزب، أو قبيلة، أو شعب، أو أكثرية، أو ديمقراطية، ولا يمكن البحث عن الحق في الرأس مالية، والعلمانية، والليبرالية، والمذاهب البشرية، لأن الحق ليس له إلا مصدر واحد فقط، أنه من عند الله عز وجل، والدليل هو قوله تعالى فى سورة الكهف ” وقل الحق من ربكم ” فبذلك انتهت القضية، والمعنى هو قل للناس يا محمد إن الحق الذى لا مرية فيه هو من الله تعالى الذى خلقهم، وقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” الحق من ربك فلا تكن من الممترين”

وكل مصدر آخر معرض للخلل، والضلال، والزيغ، والانحراف، فلان يعطيك رأيا خاصا، هذا رأيه، لكن عندما يعطيك آية وحديثا فإنه يعطيك حقا، ولو رأيت قاضيا يقضي بالجور والظلم، فإنه لا يقضي من هواه، أو من جهل، لأن الله قال فى الحدبث القدسى” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسى” رواه مسلم، وقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” القضاة ثلاثة، اثنان في النار”رواه ابن ماجة والنسائى والبيهقى، وهما ” قاض عرف الحق فجار، وآخر قضى على جارة” ولذلك ترى المصادر الأخرى غير الوحي الإلهى تأتى بالأباطيل، فمثلا من الدساتير البشرية تجدها تشرعن الظلم، أو الانحلال الأخلاقي، فتبيح الشذوذ، أو زواج المثليين، والحرية الجنسية، والزنا والفاحشة، والله عز وجل يقول كما جاء فى سورة الأعراف “وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها” وإن هذه الكلمه وهى والله أمرنا بها.

فهى محض افتراء، وبذلك رد عليهم، فقال تعالى ” قل الله لا يأمر بالفحشاء” فإذا رأيت انحرافا فى الواقع فإنه لا يمكن أن يكون مصدره إلهي، فإن الله لا يأمر بالفحشاء وأن هذا ليس حقا، ولذلك كل هذه النظريات، وكل هذه الفلسفات، ليست مصدرا للحق، فما أسهل الكلام في حياة الناس اليوم في الشارع والمنتديات، وعلى المنابر وفي وسائل الإعلام، وفي الفضائيات وعبر الإنترنت والصحف وفي الدواوين، وفي المناسبات والمحافل والاجتماعات الكل يتكلم ويتحدث في كثير من أمور الحياة ولكننا اليوم وفى كثير من مجالات الحياة أصبحنا نفتقد كلمة الحق، فلا تكاد تجد بين هذا الكم الهائل من الكلام كلمة الحق وقول الحق، وأصبح الكذب والنفاق والمجاملة وطمس للوقائع وتزوير الحقائق وتحريف الكلم عن مواضعه هو لغة العصر وشعار الزمان عند كثير من أبناء هذه الأمة إلا ما رحم الله، الأمر الذى أدى إلى ضياع الكثير من القيم والأخلاق.

وبسبب ذلك ساءت الكثير من العلاقات الاجتماعية وضاعت الكثير من الحقوق، وحدث الظلم بأبشع صورة، وتعلمت الأجيال الخوف والجبن وتجرعت ثقافة الخنوع والضعف والاستكانة وتسلط العدو وغيرها من المساوئ، فأين كلمة الحق على مستوى البيت والوظيفة؟ أين كلمة الحق في كل مكان؟ لماذا أصبحت كلمة الحق مفقودة في حياتنا؟ ولماذا أصبح الكثير يتاجر بكلمة الحق ولو على حساب دينه وقيمه وأخلاقه ووطنه وأمته؟ لقد أمرنا الله بالحق وقول الحق وبين في كتابه أن الحق قامت به السموات والأرض، وأنه لا ينفع غير الحق وأن الباطل إلى زوال، فيقول تعالى كما جاء فى سورة الأنبياء” بل نقدف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق” وقال تعالى كما جاء فى سورة سبأ ” قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب، قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد” وكلمة الحق المطلوب قولها هي الكلام الحقيقي الصادق الذي ينفع الله به.

بلا مجاملة أو نفاق أو رياء، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنفال ” ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمنون ” ولقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كلمة الحق وقول الحق من أعظم الجهاد في سبيل الله، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” إن من أعظم الجهاد كلمةعدل عند سلطان جائر” وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم قول كلمة الحق، في الرضا والغضب، فقد ثبت في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه “اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خير لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لى، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفذ، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء.

وبرد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين” رواه النسائى والحاكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.