بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الأفضل أن تكون الأضحية كريمة كاملة الصفات غالية الثمن وكلما كانت أكمل فهي أحب إلى الله عز وجل فقال الله عز وجل “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم” وعن أبي ذر رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال “إيمان بالله وجهاد في سبيله قلت فأي الرقاب أفضل قال أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها “رواه البخاري ومسلم وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها يا عائشة هلمي المدية، ثم قال اشحذيها بحجر ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به “رواه مسلم، أي أن هذا الكبش الذي ضحى به النبي صلى الله عليه وسلم أقرن قوائمه وبطنه وما حول عينيه أسود.
وإن الله عز وجل قد شرع لنا من الزمان ما اصطفاه وفضله كي يعبده خلقه، فسبحانه وتعالى يغفر للمستغفرين، ويتوب على التائبين، ويعطي السائلين، ويوفق من يشاء لاغتنام مواسم الخيرات، ويجود عليهم فيها بالخير والبركات، وهو سبحانه وتعالى مستغنى عن عباده، وهو الغني، وعباده يحتاجون إليه، وعبادته عظيمة سبحانه، وشرف كبير، وهذه الأيام التي نحن فيها هذه العشر العظيمة بما اجتمع فيها من أمهات العبادات، وفضائل الأعمال، قال بعض المفسرين إنها المقصودة بقوله سبحانه وتعالى “والفجر وليال عشر” وإقسام الله تعالى بها يدل على عظمها، وكذلك هي التي أخبر عنها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء، أى إلا مجاهد.
وحالة خاصة من المجاهدين، خرج بنفسه، وماله، فلم يرجع بنفسه، ولم يرجع بماله، وهذه الأيام التي وصفها الله عز وجل بالمعدودات، وأمرنا أن نذكره فيها، وفيها يوم عرفة الذي أكمل الله فيه الدين، وإن صيامه لأهل البلدان يكفر الله تعالى به سنة ماضية وسنة آتية، وإن صيامه عظيم جدا، وهو أكثر يوم يعتق الله تعالى فيه عبادا من النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وفيه هذا الدعاء العظيم خير الدعاء دعاء يوم عرفة وقال صلى الله عليه وسلم “خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير” وهذه العشر التي فيها أفضل أيام السنة على الإطلاق، وهو عيد الأضحى، وفيه تنهر الدماء شكرانا لله سبحانه، وفيه يجتمع من العبادات ما لا يجتمع في غيره من صلاة العيد، والأضحية، وذبح الهدي، والطواف، والسعي بعدما نحروا.
وحلقوا، ورموا جمرة العقبة، وفي هذه العشر هذه العبادة التي فيها انهار الدم توحيدا لله، وعلى اسمه تعالى فيقول باسم الله، والله أكبر، يشارك بها أهل البلدان حجاج بيت الله الحرام، حتى في بعض أحكام النسك، ومحظورات الإحرام، فيمتنعون عن الأخذ من الشعر، والأظفار حتى تذبح الأضاحي، إنها تذكير بقصة إبراهيم الخليل، وطاعته لربه هو وابنه لما رأى في المنام أنه يذبحه، ورؤيا الأنبياء حق وصدق، فاستسلم الأب وابنه لأمر الله، وقلبه على قفاه كي لا يشهد ألم الذبح على وجهه “وناديناه يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ” وهكذا فدى الله إسماعيل بكبش عظيم، وكان ذلك آية من آيات الله تعالى، ومضت سنة النحر في العالمين لذلك الحادث العظيم، رفع الله منارة الإيمان، والتوحيد، وجمال الاستسلام، وعظمة التسليم، والطاعة لرب العالمين، ويتذكر كذلك الإنسان بها نعمة الله عليه أنه أبقاه حيا إلى هذه السنة، وفيها توسعة على النفس، وأهل البيت.
وإكرام الأقارب، والجيران، والإخوان، والصدقة على الفقراء والمساكين وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين، وقد ذبح بعد خطبة عيد الأضحى وقال “من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، شكرا لله تعالى على نعمه المتعددة، نعمة الإيمان، والسمع، والبصر، والمال، صورة من صور الشكر لرب العالمين التي يظهر بها التوحيد جليا، فقال تعالى “فصلى لربك وانحر” أى وانحر لربك، وأهل الجاهلية ينحرون القرابين لأوثانهم وأصنامهم، ولقد سميت أضحية من وقت ذبحها، اشتقاقا من وقت الضحى الذي تذبح فيه، إنها من بهيمة الأنعام فلا تجزئ من غيرها، والذين يريدون تطيير الشريعة تحت عنوان تطوير الشريعة، يريدون أن يبدلوا كلام الله، يخرجون اليوم بالفتاوى المعوجة لتغيير الدين وتبديله، فتارة يقولون بالدجاج، وتارة يقولون بأشياء أخرى، يريدون أن يبدلوا شعائر الله.