بقلم / محمـــد الدكـــروري
وإذا كان كذلك، فمن أقنعهم بأن الإشادة والثناء بمنجزات وإنجازات الوطن العظيمة إنما هو تطبيل؟ ومن ضحك عليهم وأوهمهم بأن الوفاء والولاء والإخلاص للوطن، والتفاخر بتاريخه المديد وبقادته الكرام وبرموزه الوطنية إنما هو تطبيل؟ ومن سلبهم عقولهم ليُقنعهم بأن التغني بمواقف الوطن البطولية، وفضائله التي عمت البشرية، ومحاسنه التي أصبحت نموذجا دوليا، إنما هو تطبيل؟ فإذا كانوا فعلا يخشون أن تطلق عليهم كلمة المرجفين المضللة التطبيل، ويأبون الشكر على عظيم النعم، والثناء والإشادة بوطنهم على الرغم من الملذات التي يستمتعون بها، والخيرات التي يعيشون فيها، والعزة التي يجدونها في كل مكان فأين هم إذا من قول الله تعالى “وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد” ويحكي القرآن قصة بناء ذي القرنين لسد يمنع عدوان يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض، وذكر القرآن أن ذا القرنين أثناء طوافه بالأرض بلغ بين السدين.
فوجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا، فاشتكوا له من الضرر الذي يلحق بهم من يأجوج ومأجوج، وطلبوا منه أن يقيم بينهما سدا يمنع عنهم فسادهم، فاستجاب لطلبهم، فمنع السد الذي أقامه ذو القرنين يأجوج ومأجوج من الخروج، وسيظل السد يمنعهم إلى آخر الزمان عندما يأتي وعد الله، ويأذن لهم بالخروج، وعند ذلك يدك السد، ويخرجون على الناس أفواجا أفواجا كموج البحر وذلك قرب قيام القيامة والنفخ في الصور، وقد ذكر القرآن الكريم أيضا قصة يأجوج ومأجوج ونقبهم السد وخروجهم في سورة الأنبياء، وقيل أنه ستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من نومه ذات مرة فزعا ودخل على زوجته السيدة زينب بنت جحش وهو يقول ” لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من سد “يأجوج ومأجوج” مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت له زينب يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثر الخبث”
ولقد كان ذو القرنين من أقوى ملوك الدنيا أعطاه الله الملك وأعطاه من كل شئ سببا أعطاه كل المقومات التي تجعله يحكم كل هذا العالم فملك الدنيا من شرقها لغربها فأخذ جيشه واتجه نحو الغرب وهو مغرب الشمس، فوجد فيها قوما لا يعبدون الله فبدأ يدعوهم ذوالقرنين للإيمان بالله بالحسنى فآمنوا به ثم بعد ذلك اتجه نحو الشرق، وهو المكان الذي تشرق منه الشمس، فوجد قوم يعيشون في الشمس دون ستر فبدأ يقيم لهم ما يسترهم عن الشمس فبنى لهم المساكن والمنشآت، ثم اتجه بعد ذلك إلى الشمال وهو ما بين السدين فوجد قوما لا يفقهون قولا يعيشون بين سدين وكان هناك قوم مفسدون يسمون بيأجوج ومأجوج يهجمون على أهل هذه البلاد فيقتلون منهم ويسرقون أموالهم ويخربون املاكهم فطلب هؤلاء القوم من ذي القرنين أن يبني لهم سدا منيعا يفصل بينهم وبين يأجوج ومأجوج وبالفعل استجاب لهم وشيد لهم سد من حديد وصهر وأشعل تحته النار.
ثم صب عليه النحاس فصار هذا السد منيعا لم يستطيع يأجوج ومأجوج أن ينقبوه أو يتسلقوه رغم قوتهم الجبارة، ويأجوج ومأجوج كما وصفهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هم أمتان من بني البشر من نسل يافث بن نوح وهم قوم مفسدون همج رعاع لهم قائد يدير شؤونهم وهم عظام الأجسام شديدي البأس وكما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم منذ أن حاصرهم ذو القرنين وهم يتجمعون كل يوم لينقبوا في هذا السد وبعد أن ينقبوا جزء كبير يقولون غدا نأتي لنستكمل ما نقبناه ثم يأتون في اليوم الثاني فيجدون أن ما نقبوه قد عاد كما كان ويظلون هكذا حتى يأذن الله بخروجهم، وإن خروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة الكبرى ففي صحيح مسلم في الحديث عن النواس بن سمعان فيما معناه، عندما يأذن الله بخروج يأجوج ومأجوج سينقبون نقبا عظيما في السد، ثم يقول قائدهم غدا إن شاء الله نستكمل نقب السد فيأذن الله بخروجهم لقول قائدهم إن شاء الله فيخرجون.
كما في الحديث من كل حدب وصوب فيفسدون في الأرض يشربون الماء كله حتى أن أولهم يشربون بحيرة طبرية كلها ثم يواصلون زحفهم وهم يأكلون كل ما يقابلهم من بشر ودواب وأشجار فلا يجدون أخضر ولا يابس إلا وقضوا عليه فيصاب الناس بالرعب ويختبؤون منهم ويزداد فجورهم وكفرهم فيقولون” قتلنا أهل الأرض فلنقتل أهل السماء فيصوب أحدهم حربته إلى السماء فيعيدها الله مخضبة بالدماء فتنة لهم فيزداد غرورهم ويقولون ” قتلنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء ” وأما عن موعد خروجهم ونهايتهم، فأنهم سيخرجون بعد نزول نبى الله عيسى عليه السلام، وظهور المسيح الدجال فبعد أن ينزل نبى الله عيسى عليه السلام ويقود المسلمين لمحاربة المسيح وقتله يأمر الله نبيه عيسى عليه السلام أن يذهب بمن معه من المسلمين بعيدا عن يأجوج ومأجوج وأن يحتموا بمنطقة الطور ثم يأذن الله بالقضاء على يأجوج ومأجوج فيرسل عليهم ”النغف”