بقلم / محمـــد الدكـــروري
لنحرص جميعا أيها الناس في جميع بلدان المسلمين التي منّ الله عليها بالأمن، لنحرص على شكر الله عز وجل على هذه النعم، ولنتعاون على الحفاظ عليها بكل غالى ورخيص، ولنحذر أيها المسلمون، أيها المؤمنون من كل دعوة تهدد الأمن، وتزعزع الاستقرار، فلا هناء في عيش بلا أمن، ولا سعادة في مال بلا استقرار، فإن الأمن من أهم مطالب الحياة الطيبة المطمئنة، ذلكم أن الأمن يعني السلامة من الفتن والشرور، ويعني الاطمئنان والاستقرار والرخاء والازدهارن، ويجب علينا أن نعلم جيدا أن البلاء والهلاك وعدم السعادة والراحة والطمأنينة والنكبات والابتلاءات والمصائب وانهيار القيم والمبادئ كل ذلك بسبب هذه المسألة التي نسأل الله أن يعافينا منها وهى الفساد، وإن من أسباب الفساد الذي عم في مجتمعات المسلمين ضعف الوازع الديني، وعدم مراقبة المولى عز وجل، وعدم استشعار أن الله يرى العبد.
وأننا لم نصل إلى مرتبة الإحسان الذي هو أعلى مراتب الدين، أن يعبد المسلم ربه كأنه يراه، والأمر الثاني هو ضعف الدور التربوي للأسرة، فكثير من الأسر تركت الحبل على الغارب للأبناء والبنات فلم يتربوا على المراقبة لله تعالى، ولم يقوموا بدورهم ومسؤوليتهم، والأمر الثالث هو عدم ترشيد وسائل الإعلام، فكثير من القنوات ووسائل الإعلام في بلاد المسلمين لم تقم بدورها في التوجيه والتربية، بل تهدم القيم والمبادئ وتنشر الرذيلة والعري والتبرج، وكذلك فإن هناك الأسباب الاقتصادية، من البطالة، وعدم الامانة وعدم الإخلاص، وعدم أداء الأجير أجرته مما يؤدي به إلى الاختلاس والتزوير وغير ذلك من الصور المحرمة، وانتشار الظلم والكذب والخيانة بين الناس، والتهالك على الأموال والحرص على الدنيا، ولهذا عندما نتأمل في نصوص الآيات السابقة وفي الأحاديث الكثيرة التي بينها لنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
نجد أن الإسلام جعل لنا السبل التي تقينا من الفساد، ومنها هو الإيمان بالله، فيقول سبحانه فى سورة الأعراف ” ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ” بمعنى أنه لو أن الناس آمنوا واتقوا وأقبلوا على الله سبحانه وتعالى لفتحت عليهم البركات والخيرات والنعم بما لا يجدون له وصفا، والأمر الثاني ضعف العبادات، والإسلام أمرنا بالعبادات، بالصلاة والصيام والحج والزكاة، فقال تعالى فى سورة العنكبوت ” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ” فالمؤمن الذي يؤدي الصلاة لن يختلس، الذي يؤدي الصلاة لن يهمل في وظيفته، لن يأخذ الرشوة، لن يغش أحدا، لأنه لا يريد أن يفسد صلاته فقال تعالى ” ‘ن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ” فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليعلم أن صلاته ناقصة، وفي مجال الزواج حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
على التيسير في الزواج وحسن الاختيار حفاظا على الأعراض ودرءا لمفاسد العنوسة وتأخر الزواج وسدا لأبواب الحرام والفواحش، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” رواه الترمذي، كما حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على إصلاح ذات البين وحذرنا من فسادها،لأنها تحلق الحسنات وتدمر المجتمع، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة” قالوا بلى، قال صلى الله عليه وسلم صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة” رواه أبو داود والترمذي، وغير ذلك كثير من الأحاديث التي حفلت بها السنة المطهرة والتي تدعو إلى الإصلاح وتنهى عن الفساد في كل مجالات الحياة، فإن الإفساد في الأرض أمر يجب التحذير منه.
والتنبه له، لأنه أمر مخالف لدعوة الأنبياء والرسل الكرام عليهم السلام الذين جاءوا بالإصلاح في الأرض، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله عز وجل، وجاءوا ليسعدوا الناس، ولينشروا الخير بينهم، والفلاح والصلاح، وإن الإفساد في الأرض له ضرر عظيم على البلاد والعباد، وحتى على الحيوانات، والبر والبحر والطيور والدواب، فكل يتضرر من إفساد العباد في الأرض، فقال أبو هريرة رضي الله عنه “والذي نفسي بيده إن الحبارى لتموت هزلا في وكرها بظلم الظالم ” والحبارى هو نوع من الطيور، وقال مجاهد رحمه الله، إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة،أي القحط وأمسك المطر, وتقول هذا بشؤم معصية ابن آدم وفساده في الأرض، وقال عكرمة رحمه الله، إن دواب الأرض وهوامها، حتي الخنافس والعقارب يلعنون المفسد ويقولون، مُنعنا القطر بذنوب بني آدم.
لذلك تفرح الطيور والدواب والشجر بموت العبد الفاسد الفاجر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مات العبد الفاجر استراح منه العباد والبلاد والشجر والدواب” رواه مسلم، ولو نظرت إلى الصحة لوجدت فسادا، يتمثل في إهمال الأطباء للمرضى وعدم العناية بهم، ورداءة الأجهزة الطبية، وسوء الخدمة، وقد تسبب ذلك في إزهاق أروح بريئة مسكينة فقيرة، وإن العامل المشترك في الفساد بين هذه المؤسسات هو الإهمال والتقصير، والتعدي على لوازم العمل، وعدم الإتقان، وعدم الانضباط والالتزام بنظم العمل، والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص، وبخس العامل حقوقه.