أصلحوا رحالكم وحسنوا لباسكم


بقلم / محمــــد الدكـــروري

إن الدين ومكارم الأخلاق هما شيء واحد لا يقبل أحدهما الانفصال عن الآخر، ومن دون دين لا يمكن أن تكون هناك أخلاق، ولا يمكن أن تكون هناك أخلاق إلا عن طريق الإيمان بالله عز وجل أولا، والإيمان بخلود النفس ثانيا، والإيمان بالحساب بعد البعث ثالثا، وأما عن الحلال والحرام فى الملبس والزينة في حياة المسلم فإن الإسلام أباحها للمسلم، بأن يكون ذا هيئة حسنة، ولا أدري لماذا استقر في عقول الناس في العصور الوسطى أو عصور الانحطاط إن من علامات المسلم الولى، أن تكون هيئته مزرية، فمن قال لك ذلك؟ فالنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول ” أصلحوا رحالكم، وحسنوا لباسكم، حتى تكونوا شامة بين الناس ” فإصلاح حال ثيابك، وإصلاح شأنك، وإصلاح ثيابك، والتجمل من الدين، فلذلك أباح الإسلام للمسلم أن يكون ذا هيئة حسنة، وأن يكون كريم المظهر، فأنت سفير ولكن سفير أي دولة، فإنك سفير الإسلام.

فأنت عند الناس مسلم، والمسلم يجب أن يكون حسن المظهر، جميل الهندام، متمتعا بما خلق الله له من زينة، وثياب، وريش، من دون إسراف، ولا مخيلة، ولا علو على الناس، إلا أن المظهر جزء من شخصيتك، بل إن علماء النفس يقولون “الإنسان إذا اعتنى بمظهره فهذا يظهر في قوة شخصيته” فإذا وجد خطأ في ثيابك، أو خطأ في هندامك، أو خطأ بشكلك العام، أى لست مهتما بشعرك، ولست مهتما برائحتك، و لست مهتما بنظافتك، فإن هذا مما يضعف شخصيتك، وقد يربكك فى الكلام، فإن أحد أسباب الحبسة في الكلام هو ضعف الثقة بالذات، وأحد أسباب قوة الشخصية الهندام الحسن، فلذلك ليس غريبا أن يكون المؤمن ذا هندام حسن، وذا مظهر طيب ومقبول، فإن الغرض من الثياب بشكل بديهى أمران هو ستر العورة والتزين به، والله سبحانه وتعالى امتن على الإنسان بما هيأ، له من لباس ورياش، فمن خلق القطن؟ إنه الله عز وجل.

وأيضا نقول من خلق الصوف لننتفع به؟ إنه الله عز وجل، وإن ما ننعم به من ثياب إنما هى من خلق الله عز و جل، لكنه أكرمنا بأن ألهمنا أن نغزلها، وأن ننسجها، وأن نخيطها، وأن نصبغها، كى نتزين بها، والحقيقة أنه يوجد فى الإنسان شيء عجيب، فالإنسان خلق عاريا لكن الله أعطاه هذا الفكر فصنع به أجمل الثياب، وخلق بلا مأوى فأعطاه الله هذا الفكر فسكن أجمل البيوت، فإن الله عز و جل عندما أعطى الفكر للإنسان أعطاه كل شيء على الإطلاق، فبه لبس أحسن الثياب، و به سكن أجمل البيوت، وبه انتقل بسرعة عن طريق مركبات اخترعها، وهذا الفكر كرم الله تعالى به الإنسان، وهو أثمن عطاء على الإطلاق، إلا أنه ينبغي أن تعمله لما خُلق له، وهذا الفكر خلق من أجل أن تعرف الله عز و جل من خلاله،إذا التستر والتزين، والإنسان إذا انحرف عن هذين الشرطين فقد استجاب لنداء الشيطان قال تعالى فى سورة الأعراف.

” يا بنى آدم لا يفتتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما” حتى صار التعرى من لوازم الكفر، وهكذا فإن ارتباط ثياب المرأة بدينها يجب أن يكون ارتباطا وثيقا، فإن موضوع الثياب متعلق بالدين ولاسيما المرأة، فالمرأة كل سنتمتر من ثيابها يقابله زيادة في إيمانها، فالمرأة بالدرجة الأولى ثيابها مرتبطة ارتباطا وثيقا بدينها وإيمانها، فكلما تسترت ارتقت عند الله تعالى، وكلما تبذلت سقطت من عين الله عز وجل، لأنه حينما تتبذل تصبح مؤذية لخلق الله تعالى، لا إيذاء سلبيا بل إيذاء إيجابيا، فهى تغريهم به وإن هناك في الطريق تجد شاب أعزب، أو في الطريق رجل متزوج أو امرأته مريضة، فهذه التي تبدو في أجمل زينة في الطريق هذه تؤذى عباد الله عز وجل، فيمكن أن نقول إن دين المرأة مرتبط بثيابها، وهو طبعا مرتبط بثيابها بعض الارتباط، فلو رأيت طالبا في الطريق يرتدي ثياب الفتوة.

أقل ما يشير إلى أنه طالب علم هذه الثياب، قد يكون فاشلا في دراسته، وقد يكون راسبا، وقد يكون مفصولا، ولكن أقل ما يشير إلى أن هذا الطالب طالب هو الثياب، والمرأة أقل ما يؤكد انتمائها للدين حجابها، ولكن هل يكفى الحجاب وحده؟ فنقول بأنه لا يكفى، ولكن أقل أشارة إلى أنها مسلمة ثيابها، أما أعلى إشارة حبها لله، هو طلبها للعلم، ورعايتها لزوجها، وعنايتها بأولادها، ومعرفتها بربها، وإخلاصها لزوجها، لكن أقل دليل على أنها امرأة مسلمة حجابها، فموضوع الحجاب ونفصد به الحجاب للمرأة، فهوموضوع التستر للرجل هذا مرتبط بدينه، فالكافر دوما يميل إلى التعرى، وإلى كشف العورات، وإلى التبذل، وإلى إثارة الشهوات، لذلك ليس غريبا أن أقول لكم إن الانحرافات الخطيرة فى العلاقات بين البشر أساسها التبذل، فالزنا أساسه تبذل المرأة، والخلوة، والاختلاط، وحتى إن الانحرافات الخطيرة في الجنس أساسها التبذل، فإن تبذل امرأة أمام امرأة.

ربما قادهما إلى الانحراف، وتبذل شاب أمام شاب ربما قادهما إلى الانحراف، لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث عن ابن عباس رضى الله عنهما ” الفخذ عورة ” رواه الترمذى، وهكذا فإن الانحرافات الخطيرة بين الشباب والفتيات بعد الزنا هو الشذوذ، فإن الزنا معروف بين رجل وامرأة، وأما الانحرافات الخطيرة بين الشباب والفتيات فإن أساسها هو كشف العورات والتبذل، فيجب أن نعتقد أن الثياب جزء من الدين، فالمؤمن الصادق يحصن نفسه من خطرين شديدين، المرأة والمال، وإن الإنسان إذا ارتدى أقل الثياب فإنه لا يبالي بنظر الناس له، وهذا أيضا لا يجوز، فلذلك قال الله تعالى ” خذوا زينتكم عند كل مسجد ” وإن هذه الشهوة الجنسية التي أودعها الله في الإنسان من أجل أن يكوّن أسرة، تثمر ولدا صالحا، أو فتاة صالحة، وأن يكون الوئام بين الزوجين، فإن هذه الشهوة بإمكان أى إنسان حقير أن يفجرها بالعرى.

والصور المكشوفة، والأعمال الفنية الساقطة، والتقاط المحطات الفضائية، فهذا الذي يفجر الإنسان تفجيرا إنه كاللغم، إنسان حقير يعطيه عود ثقاب ينفجر، لذلك نرى فى الإسلام أحكاما كثيرة جدا متعلقة بالمرأة، وأحكاما كثيرة جدا، وهى متعلقة بكسب المال، فإن هناك منطقتان خطيرتان يؤخذ منهما الإنسان، المرأة والمال، والمؤمن الصادق يحصن نفسه من هذين اللغمين الذين ربما أوديا به فعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “استوصوا بالنساء خيرا” رواه البخارى ومسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.