بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان نبى الله داود عليه السلام نبيا ملكا ولقد آتاه الله من هباته ونعمه الكثير من ذلك أنه كان رسولا صاحب كتاب، وهو الزبور وهو كتاب من كتب الله لمنزلة واذا كان إبراهيم عليه السلام أوتي صحفا، وأوتى نبى الله موسى عليه السلام الالواح فيها التوراة فإن دواد أوتى الزبور، وآته صوتا جميلا وجمال الصوت عند داود عليه السلام ليس على المعنى العادي الآلى في الأنغام والألحان ونسبها المحدودة ليخرج الصوت جميلا، ولقد كان هذا عند داود، ولكن صوت داود كان له طابع آخر هو الذي أعطى له تلك النفاسة الهائلة التي كانت له وما كان داود يشعر بنفسه وهو يرتل الزبور أي أنه كان مع الله وهو يتغنى بكلمات الكتاب المقدس بل كان فانيا في الله جل جلاله، لقد كان يتغنى ويبكى.
ولقد كان زبورا مترنما فكان لحنا ربانيا، ويعبر القرآن في صورة جميلة، عن تأثير داود عليه السلام البالغ اثناء تغنيه وهو سبحانه يسمى ذلك تسبيحا فيقول ” إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق، والطير محشورة كل له أواب” ولقد تكلم المفسرون في القرآن الكريم في عن صوت نبى الله داود عليه السلام، فيقول الأوزعي أعطى داود عليه السلام من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط حتى كان الوحش والطير ينعكف حوله حتى يموت عطشا وجوعا وحتى أن الأنهار لتقف، ويقول ابن كثير إن الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحدا، بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتاب الله يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه ويسبح بتسبيحه وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشيا.
وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت أبى موسى الأشعري وهو يقرأ فقال ” لقد أوتى أبو موسى من مزامير آل داود، وكانت الهيئة الثانية بعد حسن الصوت التي وهبها الله لداود هي ” وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ” لقد علمه الله تعالى صناعة الدروع لتقى المحاربين من سهام الأعداء قال تعالى ” واقدر في السرد” أي لا تدق المسمار فيفلق ولا تغلظه فينفصم، ومعنى ذلك أن الله تعالى علمه صناعة الدروع في اجمالها وتفاصيلها، وكانت صناعة الدروع مهنته التي يتكسب منها عيشه، ورغم ما كان عنده من ملك وغيره كان يعيش من عمل يده عليه السلام، ومن الهبات التي منحها الله تعالى لداود عليه السلام هبة القوة.
ويقول سبحانه ” واذكر عبدنا داود ذا الأيد” والأيد تعنى القوة، ولقد كان داود عليه السلام قويا في كل ما يأتي من الأمور فكان قويا في أمور العبادة في الصلاة والصيام وغيرهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي “أحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر اذا لاقى ، وكان قويا في بكائه حينما كان يرتل الزبور وكان قويا في السيطرة على مملكته، فقال تعالى ” وشددنا ملكه” أما العقل والمنطق فيقول تعالى ” واتيناه الحكمة وفصل الخطاب” وهذا من القوة وهو الذي قتل جالوت وكان جالوت جبارا قويا.