بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد قاتل الصحابي الحصين بن نمير الأنصاري في ثورة التوابين، وثورة التوابين هي أول ثورة قامت بعد واقعة كربلاء بهدف الثأر للحسين وأصحابه الذين قتلوا هناك، وقد كانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي عام خمسة وستين من الهجرة، وهو الذى قتل حبيب بن مظاهر الأسدي وعلق رأسه على رقبه حصانه، وكان حبيب بن مظاهر الأسدي من أصحاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد شهد مع الإمام علي بن أبي طالب، جميع المشاهد التي حدثت إبان خلافته، وكان هو زعيم بني أسد وكان عمره يوم الطف خمسة وسبعون عاما، وله ولد يسمى القاسم وهو الذى قتل قاتل ابيه لاحقا، وكان يتردد على الإمام علي بن أبي طالب بعد كل حرب، فيسأله عن موعد الشهادة.
خصوصا بعد أن رأى أصحابه قد سقطوا شهداء الواحد تلو الآخر في المعارك المتتالية فما كان جواب علي إلا أن الشهادة ستنالها يا حبيب، وكانت رسالة الحسين بن على رضى الله عنه معه، وكان فيها ” من الحسين بن علي إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر، أما بعد، ياحبيب فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت اعرف بنا من غيرك وأنت ذو شيمة وغيرة فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ” ثم أرسله إلى حبيب، وكان حبيب بن مظاهر، جالسا مع زوجته وبين ايديهما طعام يأكلان إذ غصت زوجته من الطعام فقالت الله أكبر يا حبيب، الساعة يرد كتاب كريم من رجل كريم، فبينما هي في الكلام وإذا بطارق يطرق الباب.
فخرج إليه حبيب وقال، من الطارق؟ قال، أنا رسول وقاصد الحسين إليك فقال حبيب، الله أكبر صدقت الحرة بما قالت، ثم ناوله الكتاب ففضه وقرأه فسألته زوجته عن الخبر فأخبرها، فبكت وقالت بالله عليك يا حبيب لا تقصر عن نصرة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ” أجل حتى اقتل بين يديه فتصبغ شيبتي من دم نحري” وكان حبيب يريد أن يكتم أمره على عشيرته وبني عمه لئلا يعلم به أحد خوفا من عبيد الله ابن زياد، فبينما حبيب ينظر في أموره وحوائجه واللحوق بالحسين إذ أقبل بنو عمه إليه وقالوا يا حبيب بلغنا انك تريد ان تخرج لنصره الحسين ونحن لا نخليك ما لنا والدخول بين السلاطين، فأخفى حبيب ذلك وأنكر عليهم فرجعوا عنه وسمعت زوجته فقالت يا حبيب.
كأنك كاره للخروج لنصره الحسين فأراد أن يختبرحالها فقال نعم، فبكت وقالت انسيت كلام جده في حقه وأخيه الحسن، حيث يقول صلى الله عليه وسلم ” ولداى هذان سيدا شباب الجنة ” وهما امامان قاما أو قعدا وهذا رسول الحسين وكتابه أتى إليك، ويستعين بك، وأنت لم تجبه” فقال لها حبيب أخاف على أطفالي من اليتم وأخشى أن ترملي بعدي، فقالت ولنا التأسي بالهاشميات والأيتام من آل الرسول صلى الله عليه وسلم، والله تعالى كفيلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل، فلما عرف حيبب منها حقيقة الأمر دعا لها وجزاها خيرا وأخبرها بما هو في نفسه وأنه عازم على المسير والرواح فقالت لي إليك حاجة فقال وما هي؟ قالت بالله عليك يا حبيب إذا قدمت على الحسين قبل يديه نيابة عني واقرأة السلام عني فقال حبا وكرامة.