بقلم / محمـــد الدكـــروري
ويحك، إن العنز لتمنع إستها، والله ما أرى في أبي جعار غدا من خير، ثم قال لأهله إني ذاهب إلى مالي، فاستوصوا بمناف خيرا، فذهب، فأخذوه فكسروه وربطوه مع كلب ميت وألقوه في بئر، فلما جاء قال كيف أنتم؟ قالوا بخير يا سيدنا، طهر الله بيوتنا من الرجس، فقال عمرو والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف، قالوا هو ذاك، انظر إليه في ذلك البئر، فأشرف فرآه، فبعث إلى قومه فجاءوا، فقال ألستم على ما أنا عليه؟ قالوا بلى، أنت سيدنا، قال فأشهدكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد، وهكذا كان عمرو بن الجموح صحابي جليل تحدى عرجه للجهاد في سبيل الله تعالى، لكن أبناءه منعوه فاشتكاهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه لم يشهد بدرا، كان أعرج، ولما خرجوا يوم احد منعه بنوه.
وقالوا عذرك الله تعالى، فقال الله تعالى “ليس على الأعمى حرج و لا على الأعرج حرج و لا على المريض حرج” فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوهم، فقال ” لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة” وفي رواية أن عمرو بن الجموح قال لبنيه أنتم منعتموني الجنة يوم بدر، والله لئن بقيت لأدخلن الجنة، فلما كان يوم أحد، قال عمر لم يكن لي هم غيره، فطلبته، فإذا هو في الرعيل الأول، وقالت امرأته هند، كأني أنظر إليه قد أخذ درقته، أي وهو يتهيأ للخروج يوم أحد، وهو يقول “اللهم لا تردني” فقتل هو و ابنه خلاد، وبعد استشهاد زوجها عمرو بن الجموح وأخوها عبد الله وابنها خلاد، حملتهم رضي الله عنها على بعيرها وأتت المدينة لتدفنهم ولمحتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
فقالت لهند “ما عندك الخير، ما وراءك ؟ قالت هند “أما رسول الله صلى الله عليه و سلم فصالح، وكل مصيبة بعده جلل” فقالت عائشة من هؤلاء ؟ فقالت أخي، وابني خلاد، وزوجي عمرو بن الجموح، فقالت السيده عائشه رضي الله عنها فأين تذهبين بهم ؟ فقالت هند إلى المدينة أقبرهم فيها، وزجرت أم خلاد البعير ليتابع مسيره، فما استطاع، فلما وجهته جهة الميدان تحرك وأسرع حتى بلغ مكان المعركة، وهناك دفنهم الرسول صلى الله عليه وسلم معا، و قال لها “يا هند، ترافقوا في الجنة، عمرو بن الجموح، وابنك خلاد، وأخوك عبد الله” ففرحت وقالت يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني معهم، فرضي الله عنها وأرضاها من صحابية جليلة تصبر وتحتسب ابنها و زوجها وأخاها عند الله وتسأل النبي صلى الله عليه و سلم، أن يدعو لها بأن يجعلها معهم في الجنة.