الدكروري يكتب عن إلقاء السلام في الشريعة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة في الدارين وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله الله للعالمين رحمة وأنزل عليه الكتاب والحكمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فإن الذي يبدا الناس بالسلام هو أقرب وأحب إلى الله ، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم “إن أولى الناس بالله مَن بدأهم بالسلام” وإن من آداب السلام أن يكون التسليم بصوت مسموع يسمعه اليقظان ولا ينزعج منه النائم، فعن المقداد رضي الله عنه قال “كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان”

وقال الإمام النووي رحمه الله أقله أن يرفع صوته بحيث يسمعه المُسلم عليه، فإن لم يسمعه لم يكن آتيا بالسنة، وأن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والصغير على الكبير، والقليل على الكثير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم”يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد، والقليل على الكثير” وفي لفظ “يسلم الصغير على الكبير” وأن يعيد إلقاء السلام إذا فارق أخاه ولو يسيرا لقوله صلى الله عليه وسلم “إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه” وأن يسلم على أهل بيته عند الدخول عليهم وعدم الاكتفاء بالإشارة باليد أو الرأس، فإنه مخالف للسنة، إلا إذا كان المسلم عليه بعيدا فإنه يسلم بلسانه ويشير بيده ولا يكتفي بالإشارة، والسلام في بداية المجلس وعند مفارقته.

لقوله صلى الله عليه وسلم “إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة” وأن يسلم على الصبيان إذا لقيهم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على التواضع والرحمة، كما إن فيه تربية الناشئة على تعاليم الإسلام وغير ذلك من الفوائد، وأيضا البشاشة وطلاقة الوجه والمصافحة، والحرص على السلام بالألفاظ الواردة في السنة، وعدم الزيادة عليها أو النقصان، أو استبدالها بألفاظ أخرى، مثل صباح الخير، أو مساء الخير أو يعطيكم العافية، والمحذور أن تكون هذه الألفاظ بديلة للسلام، أما إن سلم السلام الوارد في السنة ودعا بعد ذلك بما شاء فلا بأس، وكذلك ألا يبدأ كافرا بالسلام فإن سلم عليه أحد من أهل الكتاب قال وعليكم، وكذلك سلام الرجل على المرأة والعكس.

وقد ذكر أهل العلم أن الرجل يسلم على المرأة الأجنبية ويرد عليها السلام، وكذا المرأة تسلم على الرجل وترد عليه السلام بشرط أمن الفتنة وعدم المصافحة وترك الخضوع بالقول، فإذا لم تؤمن الفتنة ترك إلقاء السلام ورده أيضا، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الأمن ضرورة للمجتمع لكل مجتمع من مجتمعات البشرية ولا سيما مجتمع المسلمين، والأمن ضد الخوف وضد القلق وضد الانزعاج والترقب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.