الأديرة والبيع والصوامع


كتب / د. فرج أحمد فرج
باحث انثربولوجي


حرص عامة الشعب في مصر القديمة على التقرب إلى معبوداتهم والتواصل معهم بطرق مختلفة وفي أماكن متعددة، وقد أثبتت الدراسات تنوع أماكن عبادة عامة الشعب، ومن خلال دراسة تلك الأماكن يمكن تقسيمها إلى قسمين هما: – أماكن عبادة شعبية متصلة بأماكن العبادة الرسمية، وتتواجد في موضعين: المعابد الإلهية، والمعابد الجنائزية (معابد ملايين السنين). – أماكن عبادة عامة الشعب المستقلة عن أماكن العبادة الرسمية، وتنقسم إلى نوعين: – مقاصير عبادة أقامها العامة لممارسة عبادتهم بداخلها، وهي ما عرفت بمقاصير العبادة المنزلية. – مقاصير أو مصليات عبادة أقامتها الدولة ليمارس فيها العامة عبادتهم، وقد تم التعرف على نوعين من هذه المقاصير- ولم نتعرف سوى على مثالين من هذه المقاصير وكلاهما في هليوبوليس، وهما حوت رخيت للمعبود حور أم أخت، وحوت رخيت للمعبودة إيزيس.


وعلي مدي الاديان والعقائد كان لها مكان القدسية والطهارة ومقصد المتعبدين والتقرب الي الله وسماها باسمها كل معتقد كالمسجد والكنيسة والمعبد .
وتحتل المباني الدينية مكانا خصوصيا في قلوب اشخاص كثيرين يرغبون ان يعبدوا الله.‏ يقول البعض بالنسبة إليّ،‏ الكنيسة مكانا استطيع فيه ان اكون قريبا من الله».‏ فهي اماكن مقدسة .‏ ففي المسيحية يعتقدون بأن الذهاب الى الكنيسة يطهِّر النفس،‏ وبأن عدم حضور القداس وعدم الاعتراف كل يوم احد هما خطية».‏ وتخلق الكنيسة عاطفة شديدة؛‏ فكل من احبها كثيرا يقولون المرتادون ..أشعر فيها انني في الجنة.
أن حياة الرهبنة التي بدأت في القرن الأول بعد الميلاد، قامت على الزهد والتقشف ما دفع الرهبان إلى الخروج نحو الجبال والصحراء ليعيشوا في أماكن معزولة يمارسون فيها العبادة، مع الاختلاف حول تاريخ إنشاء أول دير مصري حيث تتعدّد الروايات حول وجوده في الإسكندرية أو أسيوط أو جنوب سيناء أو محافظة البحيرة.
لا تزال سيرة بطاركة الكنيسة المصرية وسيرة رهبان الرعيل الأول وكتاباتهم، وفق بولس في محاضرة سابقة له، تشكّل أبرز المصادر التاريخية التي يمكن الاعتماد عليها في معرفة حركة البناء والتعمير في الكنيسة القبطية، إضافة إلى الكتب التي كتبها الرحالة ورصدت حركة الإنشاء ووثقتها.
ويوضح أن حركة إنشاء الأديرة الكنائس في مصر بدأت بشكل علني بعد أن كانت سرية منذ اعتناق الإمبراطور قسطنطين للمسيحية في بداية القرن الرابع بعد الميلاد، وتلفت المراجع التاريخية إلى أن مئات دور العبادة المسيحية قدّ دمّرت قبل ذلك، إضافة إلى ما خرّبه الفرس أثناء غزوهم لمصر.
كما يلفت بولس إلى ان هناك أربعة أديرة في منطقة وادي النطرون، هي دير الأنبا بيشوي، ودير الأنبا مقار، ودير البراموس، ودير العذراء – السريان، وهي تتقارب في نمط عمارتها مع اختلافات في ترتيب عناصرها حيث أحيطت جميعها على سور يصل ارتفاعه بين عشرة واثني عشر متراً يربط بين برجين كبيرين للمراقبة، جرى بناؤه في القرن التاسع الميلادي لأغراض الحماية، ويضمّ الدير حصناً شيّد بأربعة أضلاع مكوّناً من طابق أو اثنين أو ثلاثة، ويتم الدخول إليه عبر جسر خشبي متحرك، إضافة إلى الكنيسة التي تعدّ العنصر المعماري الأساسي وبنيت بأحجام مختلفة تحيطها بأجزاء منها “القلاية” (أي المغارة المحفورة في الجبل) التي أنشئت بأشكال متنوّعة حيث احتوى بعضها على حجرتين أو تكون أقرب إلى قبو نصف دائري، أو تنفتح مجموعة قلالي على بعضها بعضاً.
يضمّ الدير أيضاً حجرة المائدة وهي صالة واسعة مستطيلة الشكل مقسّمة إلى ثلاث أقسام مغطاة بقباب نصف كروية أو قباب مندمجة، والمكتبة التي تحتوي عادة مخطوطات قديمة بلغات مختلفة، إلى جانب قصر الضيافة، والبئر، والمعاصر والمطاحن، والطافوس (أي مدفن الرهبان).
حيث زوّد بفتحات للسهام واستخدم في بنائه الطوب والطين مغطى بطبقة من الجص.
عن محاضرة القاها أستاذ التاريخ والحضارة المصرية القديمة إيفان إدوارد بولس الذي يتحدّث خلالها عن أهمّ عناصر العمارة القبطيةفي بيت المعمار المصري.
الفرق بين الكنيسة والدير والكاتدرائية :
دير هو مكان اقامة واعاشة وتعبد وكهنوت كافة القساوسة والكهنة اما البطريركية فهى المقر الرئيسى الادارى والدينى الذى تدار منه كافة شئون الشعب المسيحى ومقر اقامة البابا الادارى والمالى والدينى اما الكنيسة فهى مكان الصلاة لعامة الناس و المكان المتواجد به المذبح وهى خاصة باداء الصلوات والاحتفالات والتجمعات والدروس والمواعظ الدينية.
تعتبر منطقة وادي النطرون إحدى أهم المناطق المقدسة الأثرية في مصر بل في العالم، حيث تحتوي على 4 من أشهر الأديرة الأرثوذكسية التي يتوافد عليها يوما مئات من الأقباط لزيارتها..وقد خرج من أديرة وادي النطرون العديد من من تولوا الكرسي البابوي ورعاية الكنيسة الأرثوذكسية ومنهم: البابا كيرلس السادس، والبابا شنودة الثالث، والبابا تواضروس الثاني.
الصوامع
“الصومعة” في الأصل تعني البناء المربّع المسقوف ، ويبدو أنّها تطلق على المآذن المربّعة القواعد المخصّصة للرهبان. و«البِيع» جمع بيعة بمعنى معبد النصارى، ويطلق عليها كنيسة أيضاً. و«الصلوات» جمع صلاة ، بمعنى معبد اليهود ، ويرى البعض أنّها معرّبة لكلمة «صلوتا» العبرية ، التي تعني المكان المخصّص بالصلاة
يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز : ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.فما هى الصوامع ؟ وما هى البيع ؟ وما دلالة هذه الأية ؟ يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية عن قتادة أن البيع هي معابد الصابئين . وفي رواية عنه : صوامع المجوس ، وهى جمع بيعة.
ويقول ابن كثير عن الصوامع هى أوسع منها وهى الكنائس. ونقل ابن كثير عن العوفي ، عن ابن عباس أن الصلوات هى الكنائس . وهو نفس ما قاله عكرمة ، والضحاك ، وقال قتادة : إنها كنائس اليهود . وهم يسمونها صلوتا . وحكى السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس : أنها كنائس النصارى ونقل ابن كثير عن الضحاك الجميع يذكر فيها اسم الله كثيرا .
فرج احمد فرج
باحث انثربولوجيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.