بقلم الشيخ/ عماد البية
إن الحمد لله نحمده وتعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوه المتين… ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الجليل يا بن آدم تفرغ لعبادة أملا صدرك غناَ وأسد فقرك وإن لم تفعل ملأت يديك شغلا.. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه يقول سيدنا عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعطي أربعا أعطي أربعا من أعطي الذكر ذكره الله سبحانه وتعالى فهو القائل فاذكروني أذكركم ومن أعطي الدعاء أعطي الإجابة لأنه هو القائل إدعوني أستجب لكم ومن أعطي الشكر وأعطي الزيادة لأنه هو القائل لإن شكرتم لأزيدنكم ومن أعطي الإستغفار أعطي المغفرة فهو القائل استغفروا ربكم إنه كان غفارا فصلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله لي فيك يا أرض الحجاز حبيب نور العيون وللقلوب طبيب في الأرض محمد وفي السماء أحمد عند الإله مقرب محبوب اللهم صل عليه وعلى أصحابه وأرض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد وفيا إخوه الإيمان والإسلام تكلمنا في الجمعةالماضية عن حادث تحويل القبلة وقلنا إنها كانت اختبار لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك قال الحق وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وما كان الله ليضيع إيمانكم أي صلاتكم تجاه بيت المقدس ثم قال رب العزة جل في علاه ليس أولا تجعل كل البر بالتوجه إلى بيت المقدس أو إلى بيت الله الحرام ولكن كلها هؤلاء يا محمد كل الله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ثم قال لهم ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من أمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبي ولذلك عندما سأل سيدنا أبو ذر رضي الله عنه الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه عن الإيمان تلى الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه ليس البر بأن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولذلك روى الإمام مسلم والحديث رواه فاروق هذه الأمة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جاء إلى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم رجل يمشي حسن الشعر عليه ثياب أبيض فنظر بعضهم لبعض ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر قال يا رسول الله أتيتك فوضع ركبتيه عند ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويده على فخذه ثم قال ما الإسلام قال له الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاه وتؤتي الزكاه وتصوم رمضان وتحج البيت قال فما الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه والنبيين والجنة والنار والبعث بعد الموت والقدر خيره وشره قال فما الإحسان قال أن تعبد لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ولذلك تجد أن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ظل يعلم أصحابه في مكة13 سنه العقيدة ولذلك لم تجد خليفةفي الإسلام كان من الأ نصار كلهم من المهاجرين لذلك ناجى سيدنا موسى عليه السلام ربه وقال له يا رب علمني شيء أدعوك به قال له يا موسى كل لا إله إلا الله قال يا رب كل عبادك يقولونها قال له عزتي وجلالي لو وضعت السماوات السبع والأراضين السبع في كفه ولا إله إلا الله في كفه لرجحت لا إله إلا الله ولذلك قال سيدنا موسى يا رب كيف أذكرك قال له ربه تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني… ثم ينتقل الحق سبحانه وتعالى إلى مرتبة أخرى من مراتب البر فيقول وآت المال على حبه ذوي القربى أي أن تخرج من مالك وأنت محبا له أي المال ولذلك قال الحق جل في علاه لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ولذلك قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الذي رواه البخاري من روايه سيدنا عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله قالوا يا رسول الله ما أحد منا إلا وماله أحب إليه فقال الحبيب محمد ماله ما قدم وماله وارثه ما أخر أي تخرج من مالك الصدقة وأنت محبا للمال فأفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر ولذلك قال الحق سبحانه ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ثم بين الحق من هم الأولى بهذا المال أو هذه الصدقه بدا بالأقرباء فقال ذوي القربة لأن الحبيب محمد قال خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي فيقول صلوات الله وسلامه عليه الصدقة على المسكين صدقه وعلى ذوي رحم صدقة وصلة رحم فإن الأقرباء هم أولى الناس بك. وببرك لأنهم يقولون أقرب الناس لك وحتى لا ينظرون لك في كل شيء ويكفيك الله شر أعينهم فإن لم يكن لك أقرباء يستحقون الصدقة فإخوانك في الدين ولذلك عندما ذهب رجل إلى أمير المؤمنين معاوية وقال للحاجب أخبر أمير المؤمنين أن له أخ بالباب تعجب أمير المؤمنين وقال للحاجب أي إخوتي فدخل الرجل على أمير المؤمنين قال له أي إخوتي إن قال له الرجل أخوك من آدم فقال لهم معاوية والله إنها لا صلة مقطوعة ولكون أول من وصلها وأعطاه عطاء جزيلا ولذلك لما نزل قول الله سبحانه وتعالى مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل قيل إنها نزلت في سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وقيل في عبد الرحمن بن عوف عندما حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على الصدقةحين أراد الخروج إلى غزوه تبوك وحس الناس على الصدقة جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعه آلاف درهم وقال يا رسول الله لي ثمانية آلاف درهم أمسكت منها لنفسي وعيالي أربعه آلاف وأربعة آلاف أقرضتها لربي فقال له الحبيب محمد بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت وقال عثمان يا رسول الله علي جهاز ملأ جهاز له فنزلت هذه الأيه وقيل إنها نزلت في علي كرم الله وجهه كان معه أربعه دراهم تصدق بدرهم بالليل وبدرهم بالنهار وبدرهم في السر وبدرهم في العلانية… ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه أنظر كانت السيدة عائشة رضوان الله عليها تعطر الدنانير قبل أن تتصدق بها ولذلك سميت بعائشة أم الطيب فلما سئلت عن ذلك قالت إن الدراهم تقع في يد الله قبل أن تقع في يد المسكين فإذا أتتك الدنيا فجد بها وأعلم بأنها قد تتقلب للجود يغنيها إذا هي أقبلت ولا البخل يبكيها إذا هي تذهب فليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت وليس لك من مالك إلا ما لبست فأبليت وليس لك من مالك إلا ما تصدقت به فأبقيت ولذلك يقول الحبيب محمد فيما يرويه أنس رضي الله عنه.. لما خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وتحركت خلق الجبال فوضعها عليها فاستقرت والجبال أرساها فتعجبت الملائكة وقالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟قال نعم الحديد فقالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الحديد؟قال نعم النار فقالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من النار؟قال نعم الماء؟قالوا يا رب هل هناك شيء من خلقك أشد من الماء قال نعم الريح قالوا يا رب هل هناك شيء أشد من الريح قال بن آدم يتصدق بالصدقه بيمينه يخفيها عن شماله فهو أشد منه.. وأعلم أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا أي الحلال كما قال سفيان الثوري من أنفق الحرام في الطاعات لله كان كمن طهر الثوب بالبول وهو لا يطهر إلا بالماء الطاهر ولذلك قال الحبيب محمد اتقوا الله ولو بشق تمره فالصدقه تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص رواه أنس في الجامع الصغير (واليتامى) الله سبحانه وتعالى قال فأما اليتيم فلا تقهر ومن أعظم الأيات التي تبين لنا مكانة اليتيم أن الله قرن عبادته بالإحسان إلى اليتامى فقال واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القرب واليتامى والمساكين ولكن الإحسان إلى اليتامى كان في جميع الأمم فمن المواثيق التي أخذها الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل الإحسان إلى اليتامى فقال (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وبذي القرب واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا) فقد جعل الله قهر اليتيم أو ذل اليتيم أو زجر اليتيم علامةمن علامات التكذيب بالدين وعدم التصدق وضعف اليقين فيقول جل في علاه أرايت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين.. وقد وبخ الله أقواما بين فساد معتقداتهم لأنهم لا يكرمون اليتيم فقال سبحانه كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين… يقول الحق سبحانه وتعالى ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن و لنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون وسبب نزول هذه الايات قيل أنها نزلت في ثعلبه بن خاطب الأنصاري أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ادعوا لي الله أن يرزقني مالا فقال صلوات الله وسلامه عليه يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه فراجعه وقال والذي بعثك بالحق يا رسول الله لئن رزقني الله مالاً لأعطينٌ كل ذي حق حقهُ فدعا له فاتخذ غنماً فنمت كما ينموا الدود حتى ضاقت بها المدينة فنزل وأديا وأنقطع عن الجماعة والجمعة فسأل عنه النبي فقيل له كثر ماله حتى لا يسعه واد فقال يا ويح ثعلبة فبعث مصدٌقين لأخذ الصدقات فأبى وقال ما هذه أخت الجوية فنزلت فيه هذه الأية ومنهم من عاهد الله فجاء بالصدقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الحبيب محمد إن الله قد منعني أن أقبل منك فجعل يحث التراب على رأسه فقال هذا جزاء عملك قد أمرتك فلم تطعني فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بها إلى أبي بكر فلم يقبلها ثم جاء إلى عمر في خلافته فلم يقبلها وهلك في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه أخوة الإيمان والإسلام يقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبا قالوا ومن يأبا يا رسول الله قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبا أو كما قال التائب من الذنب حبيب الرحمن ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة… الخطبة الثانية.. الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذى الطول لا إله إلا هو إليه المصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بذكره تطمئن القلوب أيهما جمع أو مجلس جلسوا يذكروا الله إلا وأن نزل عليهم رحمه الله وما من جمع أو مجلس جلسوا ولم يذكروا الله إلا ونزلت عليهم حسره من الله سبحانه وتعالى وأشهد أن سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي كان كما قالت عائشة رضوان الله عليها كان يذكر الله في جميع أحواله أو في جميع أحيانه فصلات وسلاما عليك سيدي يا رسول الله ورد اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد إخوة الإيمان والإسلام نتحدث عن الصدقة ولذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تصدقوا عن أنفسكم وعن موتاكم ولو بشربة ماء فإن لم تقدروا على ذلك فبأية . والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول داووا مرضاكم بالصدقة من كتاب الله فإن لم تعلموا شيئا من كتاب الله فادعوا بالمغفرة والرحمة فقد وعدكم بالاجابة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول داووا مرضاكم بالصدقة فأن كعب الأحبار إنه قال مرضت فاطمة رضي الله عنها فجاء علي إلى منزلها فقال يا فاطمة ما يريد قلبك من حلوات الدنيا؟فقالت يا علي أشتهي رمانا فتفكر ساعه لأنه ما كان معه شيء ثم قال وذهب إلى السوق واستقرض درهما واشتري به رمان واحده لاجل فاطمة فرجع إليها فرأى شخصا مريضا مطروحا على قارعة الطريق فوقف علي فقال له ما يريد قلبك يا شيخ؟فقال يا علي لي خمسة أيام هنا وأنا مطروح ولم يلتفت أحد إلي ويريد قلبي رمانا فقال في نفسه لو أعطيته الرمانة بقيت فاطمة محرومة وإن لم أعطيها خالفت قول الله وأما السائل فلا تنهر والنبي صلى الله عليه وسلم قال لا ترد السائل ولو جاءكم على ظهر فرس فكسر الرمان نصفين فاطعم الشيخ المريض فعوفي في ساعته وعوفيت فاطمة فذهب إليها إلى فاطمةفوجدها قد عوفيت من مرضها وزال عنها اشتياقها الرمان ففرح.. وإذا برجل فقرع الباب فقال علي من قال إنا سلمان الفارسي فقام علي وفتح الباب ورأى سلمان الفارسي وبيده طبق مغطى رأسه بمنديل فوضعه بين يديه فقال علي ممن هذا يا سلمان فقال من الله إلى رسول الله ومن رسول الله إليك فإذا فيه تسعة رنات فقال علي سلمان لو كان هذا إلي لكان عشرا لقول الله سبحانه وتعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فضحك سلمان وأخرجها من أمه فوضعها في الطبق فقال يا علي والله كانت عشرا فاردت أن أختبرك.. فالأقربون أولى بالمعروف ولذلك السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها إم المؤمنين أستاذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتق جارية فقال لها الحبيب محمد أعطيها لأختك تخدمها أفضل لك عند الله من أعتاقها.. ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من عتقائيه من النار اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابه واجعلنا من الذين تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم وأقم الصلاه إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا