ومضه قانونية .. محكمة النقض المصرية في بيان ماهي القوة القاهرة والسبب الأجنبي الذي يعدم المسؤولية

بقلم المستشار / محمود البرلسي 

 

محكمة النقض المصرية في بيان ماهي القوة القاهرة والسبب الأجنبي
الذي يعدم المسؤولية، وفي بيان ذلك تقول:”إن النص في المادة ١٦٥ من التقنين المدنى يدل – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – على أن السبب الأجنبي الذي يعدم رابطة السببية في المسئولية المدنية ، يكون بوجه عام حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة – وليس ثمة محل للتفريق بينهما – أو خطأ وقع من المضرور أو من الغير

وهذا البيان غير وارد على سبيل الحصر ، فلا تنتفى المسئولية لانعدام السببية وحدها ، بل تارة لانعدامها مع الضرر ، وطوراً لانعدامها مع الخطأ ، وإذا كان النص يصف القوة القاهرة والحادث الفجائي بأنهما سبب أجنبي لا يد للشخص فيه ، إلا أنه يحتاج إلى تحديد ، فيشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه ، فيجب أن يكون الحادث غير مستطاع التوقع لا من جانب المدعى عليه فحسب ، بل من جانب أشد الناس يقظة وبصراً بالأمور ، والمعيار هنا موضوعي ذاتي ، ويعنى شرط استحالة دفع الحادث أنه إذا أمكن دفعه حتى لو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً ، ويجب أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة ، فلا تكون استحالة بالنسبة إلى المدين وحده بل استحالة بالنسبة لأى شخص يكون في موقف المدين ، وهذان الشرطان يتعين توافرهما وقت الحادث ، ويستمدان من واقع الدعوى الذي تستقل محكمة الموضوع بتحصيل فهمه من أوراقها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله ، أما تكييف هذه الوقائع بأنها قوة قاهرة أو نفى هذا التكييف عنها ، فيعتبر مسألة قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض كي تتحقق من توافر ركنى السبب الأجنبي في هذه الوقائع ، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تبين الوقائع التي يستند إليها الحكم والأدلة التي أقنعتها بثبوتها ، فلا يكفى أن تقرر المحكمة ثبوت وجود الواقعة أو عدم وجودها دون أن تبين كيف ثبت لها ذلك بأدلة مما يصح قانوناً الأخذ به . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وقد انتهى بعبارة غامضة إلى عدم توافر القوة القاهرة في الواقعة محل النزاع – رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على سبب الحريق وهو ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع – دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك العناصر الواقعية اللازمة لتبرير ما انتهى إليه ، مما يعجز محكمة النقض عن تكييف الوقائع وسلامة تطبيق القانون عليها ، فيكون قد ران عليه القصور ويوجب نقضه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.