دخلت العلاقات المصرية الخليجية نفق التوتر العميق وهنيئًا لمصر التحرر والسيادة.
العلاقات المصرية الخليجية، وتحديدًا مع المملكة العربية السعودية، تمر بمرحلة توتر شديد وغير مسبوق. ورغم أن جذور هذه الأزمة ليست جديدة، إلا أن وتيرتها تصاعدت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حتى وصلت إلى مستويات قد يصعب معها العودة إلى ما قبلها حتي وان ظهر للشعوب غير ذلك
لقد سعت مصر على مدار سنوات إلى ترسيخ مفهوم الإستقلال العربي والقرار الوطني الحر، وإلى أن تكون الدول العربية قوية، متماسكة، وغير تابعة لأي قوى خارجية. غير أن الواقع يقول إن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، لطالما خافت من مصر.
مصر هي الدولة التي يخشاها الجميع إن سقطت، ويخشونها أكثر إن نهضت
في أروقة التحليل السياسي، ثمة مقولة يعرفها كل خبير:
“مصر لا يجب أن تسقط، لكنها أيضًا لا يجب أن تتقدم”
دول الخليج تخشى من إنهيار مصر، لأن سقوط دولة بحجم مصر، تضم 120 مليون نسمة، يعني فوضى شاملة ستجتاح المنطقة بأكملها.
وفي ذات الوقت، فإن تقدم مصر وعودتها إلى الريادة سيجعلها تفرض سطوتها التاريخية، بما تمتلكه من عمق حضاري، وجيش وطني عظيم، وموقع جغرافي استراتيجي.
ومن هذا المنطلق، بدأت بعض الدول الخليجية تتعامل مع مصر باعتبارها “لا بد أن تبقى قائمة، لكن لا يجب أن تصبح قائدة” وان سيطرة أمريكا والغرب أرحم بكثير من سيطرة المصريين
قرار خليجي بتجفيف منابع الدعم لمصر
منذ ما يقرب من خمسة سنوات، اتخذت بعض العواصم الخليجية قرارًا إستراتيجيًا خطيرًا :
- التوقف عن تقديم أي دعم مالي مباشر لمصر، سواء في شكل منح أو قروض أو مساهمات في صفقات عسكرية.
واكتفوا بالاستثمارات التي تضمن لهم العائد فقط دون دعم حقيقي للاقتصاد المصري أو لمكانته الإستراتيجية.
وفي الوقت ذاته، تجد هذه الدول تدفع ما يقارب 5 تريليونات دولار للولايات المتحدة، الداعم الأول لإسرائيل، في حين أن إجمالي ديون مصر لا تتجاوز 155 مليار دولار، أي أقل من 8% مما تم دفعه لواشنطن!رغم إن الجيش المصري، بما يملكه من قوة وتجهيز وخبرة، قادر على حماية المنطقة العربية والإسلامية، بديلاً عن القواعد الأمريكية التي تمثل عبئًا سياسيًا وماديًا، وتحول بعض الدول إلى رهائن في يد الغرب. - مصر قدمت عشرات المبادرات… والرفض كان دائمًا من الخليج
- اقترحت مصر تشكيل جيش عربي موحد وقوة عسكرية مشتركة تكون درعًا للأمة، فقوبل ذلك بالرفض.
- طرحت مصر فكرة مصانع عسكرية عربية بتمويل خليجي وعقول مصرية… ورفضوا.
- دعت مصر إلى إقامة سوق صناعية وتجارية عربية مشتركة في محور قناة السويس تكون الأكبر في العالم… لكن العرب رفضوا، بينما وافقت الصين وروسيا وكوريا الجنوبية على إقامة مناطق صناعية هناك لأنهم يعرفوا جيدا أهمية الموقع الاستراتيجي لقناة السويس ومزايا السوق المصري .
- عرضت مصر مشروعات زراعية ضخمة بالصحراء الغربية، وبالفعل بدأت ببناء نهر صناعي عملاق يساعد علي زراعة ملايين الافدنة ، مما يجعل المشروع قادر على سد احتياجات مصر والخليج والشام من المحاصيل الزراعية… لكن الخليج تجاهل المشروع، وفضّل الاستثمار في إثيوبيا، الخصم المائي الأول لمصر! فقررت مصر الاعتماد علي نفسها وأقامة المشروع بمفردها وأوشك علي الانتهاء
- حاولت مصر إنشاء خطوط أنابيب لنقل البترول والغاز الخليجي من البحر الأحمر عبر أراضيها إلى البحر المتوسط ثم إلى أوروبا، فرفضوا ، حتي لا تكون مصر مركز لتوزيع الطاقة والمواد البترولية حول العالم
- اقترحت مصر إقامة كوبري بري يربطها بالمملكة العربية السعودية لتسهيل حركة التجارة والربط القاري بين أفريقيا وآسيا… ورفضوا.
– وهناك عشرات المشاريع والمقترحات التي قدمتها مصر للنهوض بالمنطقة، لكن الرد الدائم كان: “لا”.
الخليج لا يعترف إلا بأمرين: أن الله في السماء، وأمريكا في الأرض
للأسف، بعض الأنظمة الخليجية لا تزال تؤمن بأن أمريكا هي الضامن لبقائهم في الحكم، وتتناسى أن واشنطن لا ترى فيهم سوى “بقرة حلوب”، وعندما يجف لبنها، سيتم ذبحها والاستفادة من لحمها!
ولم يكتفي الخليج بذلك لكن شهدنا تدخلات سافرة في ملفات مصر الحساسة
- تدخلات في السودان، ضد الرؤية المصرية.
- دعم صريح لإثيوبيا في قضية السد بالاستثمار والتمويل بل وامتد الامر لمساعدة الامارات لحكومة ابي أحمد عسكريا
- تحركات مريبة في ملفات ليبيا وغزة وتدخلات لأضعاف دور مصر المحوري
وكل ذلك هدفه معروف وواضح من أجل إشغال مصر عن تقدمها الطبيعي وريادتها في المنطقة حتي ان البعض طالب بنقل مقر الدول العربية وان يتم الغاء شرط ان يكون امين عام جامعة الدول العربية من مصر - بل إن الصراع على الزعامة وصل إلى ذروته، حتى أصبحت الخلافات الخليجية الخليجية علنية، فـ لا تواصل بين بن سلمان وأولاد زايد، وكل طرف يسعى لفرض هيمنته وزعامته على حساب الآخر.
مصر قالت: كفى!
وصلت مصر إلى نقطة اللاعودة، وقررت التحرر الكامل من التبعية السياسية والإقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية
فمصر لم تعد تقبل الدوران في فلك واحد ، وبدأت تتحرك بثبات وقوة لبناء تحالفات جديدة تقوم على الإحترام والمصالح المتبادلة:
مثل ” تركيا، إيران، باكستان، الصين، روسيا، كوريا الجنوبية…الخ ” شراكات قوية وشاملة وفي المقابل إتخذت قرارات ومواقف هي الأولي من نوعها إتجاه أمريكا حيث قامت مصر
بمناورات عسكرية مع الصين للمرة الأولى في التاريخ.
- رفض دعوة زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للرئيس السيسي
- رفض مشاريع التهجير والتصفية للقضية الفلسطينية.
- رفض مرور السفن الأمر_يكية من قناة السويس مجانًا.
- رفض تعديل تمركز الجيش المصري في سيناء كما تنص كامب ديفيد.
- توسعات غير مسبوقة للبنية التحتية العسكرية في سيناء ورفض الانصياع لأمريكا أو إسرائيل
مصر تقف على قدميها… والعالم يعيد حساباته
اليوم، يمكن القول وبكل ثقة:
مصر أصبحت الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمارس قرارها السيادي الحقيقي.
لم تعد رهينة للودائع الخليجية، ولا للأوامر الأمريكية.
مصر تتحرك اليوم بثقة، تكتب مستقبلها بيدها، وتفرض احترامها على الجميع.
هنيئًا لمصر… والخزي والعار لمن باع أمته
هنيئًا لمصر هذا التحرر والسيادة.
وهنيئًا لرئيسها الذي رفض الانبطاح، وأصر على أن تكون الكلمة للمصريين فقط.
أما من ارتمى في أحضان الأمر_يكان والإسرائيليين، وسعى للإضرار بمصالح مصر، فله الخزي والعار، والتاريخ لن يرحم من خذل الأمة ووقف ضد القاهرة.
لكم جميعا خالص تحياتي ابن مصر الجندي المجهول وحفظ الله مصر قيادتا وشعبا ورئيسا
تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر