مفاوضات السيسي المنفردة.. مصر تواجه الفيتو الأمريكي لإنقاذ غزة بلا دعم عربي

مصر 60 :

بقلم : نبيل أبوالياسين

 

في قاعة مفاوضات القاهرة، حيث تُناقَش حياة مليوني إنسان، تتحول الدبلوماسية المصرية إلى سلاحٍ أخير لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في غزة، بينما تُعلن إسرائيل رفضها لهدنة خمس سنوات، وتستمر في حصار المساعدات، تبرز مصر كـ”قلب النار” الذي يحاول إخماد لهيب الحرب بأدواتٍ قد تُعيد تعريف معنى العدالة الدولية، ولكن السؤال الأكبر: هل يكفي الصمت العالمي لتحويل هذه المفاوضات إلى نصرٍ للضمير البشري؟.

مصر.. وسيط بلا ظل: محاولات إنقاذ تغذيها دماء الغزيين

تقود مصر مفاوضاتٍ دبلوماسيةً معقدة، تجمع بين وفد إسرائيلي وحركة حماس، في محاولة لتحقيق هدنةٍ طويلة الأمد، وفق مصادر أمنية مصرية، تم الاتفاق على وقف إطلاق نارٍ طويل الأمد، لكن الخلافات حول نزع سلاح المقاومة لا تزال تشكل “خطاً أحمر”، والجهود المصرية، المدعومة بقطر، تواجه تحديًا وجوديًا: كيف تُنقذ شعبًا يُجبر على العيش بوجبة واحدة يوميًا بينما تتعفن المساعدات عند المعابر؟، وامرأة غزية تُدعى “أم محمد” تروي كيف تخبز خبزًا لتوزعه على جيرانها الجوعى، بينما تُخفي دموع الخجل خلف دقيقٍ شحيح .

إسرائيل ترفض الهدنة.. وتُصر على سياسة التجويع كسلاح حرب

رفضت إسرائيل مقترح هدنةٍ لخمس سنوات، مُصرّةً على شروطٍ تعجيزية تشمل نزع سلاح المقاومة، وإطلاق سراح الأسرى دفعة واحدة، وهذه المماطلات ليست جديدة؛ ففي أبريل 2025، رفضت حماس عرضًا إسرائيليًا لهدنة 45 يومًا مقابل إطلاق 10 أسرى فقط، والأكثر إثارةً للغضب هو استمرار حصار المساعدات الإنسانية، حيث تُركت مخازن الأونروا خاوية، وباتت عائلات غزة تتبادل السلع المعلبة كعملة بقاء، وهذه السياسة، التي وصفها خبراء القانون الدولي بـ”جريمة حرب”، تُحوّل غزة إلى سجن مفتوح تُراق على أسواره دماء الأطفال.

غزة جائعة.. حين يصبح الخبز سلاحًا والعدالة حبرًا على ورق

أصبحت عبارة “وجبة واحدة يوميًا” واقعًا مفروضًا على 90% من سكان غزة، وفق تقارير برنامج الأغذية العالمي، والدفاع المدني في القطاع يُعلن توقف مركبات الإنقاذ بسبب نفاد الوقود، بينما تُحاصر إسرائيل دخول الأدوية والوقود تحت ذريعة “الأمن”، وهذه الأزمة ليست مجرد نقصٍ في الغذاء، بل اختبارٌ للضمير العالمي: كيف تقف محكمة العدل الدولية عاجزةً عن تنفيذ قراراتها بوقف الحصار، بينما تُحاصر غزة بقراراتٍ سياسيةٍ تُكرس الموت البطيء؟.

أردوغان يُعيد رسم الخريطة: غزة ليست للبيع.. والمقاومة ليست إرهابًا

في خطابٍ ناري، هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الموقف الدولي المُتخاذل، مؤكدًا: أن غزة والقدس والضفة الغربية “ملكٌ للفلسطينيين إلى الأبد”، ووصف المقاومة بأنها “بطولة ملحمية” ستُدرَّس في كتب التاريخ، مُنتقدًا الدول التي تُصنفها كإرهاب، وتصريحات أردوغان، رغم جدليتها، تُضيء تناقضًا دوليًا: كيف تُدان المقاومة بينما تُغض الطرف عن جرائم الحرب الإسرائيلية؟.

المماطلة القانونية.. حين تُصبح المحاكم ذاكرةً بلا فعل

محكمة العدل الدولية، التي طالبت بوقف فوري للحصار، تواجه اختبارًا وجوديًا: هل ستتحول قراراتها إلى حبرٍ على ورق؟، والمماطلات الإسرائيلية في تنفيذ القرارات تُظهر فجوةً خطيرةً في النظام الدولي، حيث تُهدر الشرعية لصالح المصالح الجيوسياسية، وهذه الفجوة لا تُغذي الجوعى في غزة فحسب، بل تُعيد إنتاج نظامٍ عالميٍ يُكرس انعدام المساواة، حيث تحمي القوى العظمى جرائم حلفائها.

وختامًا: إن القاهرة تُضيء شمعة في نفق الحرب.. لكن النفق يزداد ظلامًا!،
ومصر، برغم إرثها الدبلوماسي العريق، لا تستطيع وحدها كسر حصارٍ تدعمه قوى عظمى، وغزة لم تعد مجرد أزمة إنسانية، بل مرآةٌ تكشف عورات النظام العالمي، وإذا كانت العدالة تُباع في سوق المساومات، وإذا كان الجوع سلاحًا مشروعًا، فليعلم التاريخ أن البشرية خسرت إنسانيتها قبل أن تخسر غزة، والسؤال الآن: هل سيستفيق العالم قبل أن تُكتب آخر فصول هذه المأساة بدماء الأطفال؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.