بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على خير خلقه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه، وسلم تسليما كثيرا أما بعد، فاتقوا الله عباد الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم، وإحذروا غضب ربكم بتجنب الكلام الذي يسخط الله عز وجل أما بعد يا أيها الأخ المسلم إعلم أنه قد وُكل بك ملك عن اليمين، وآخر عن الشمال، فأما الذي عن اليمين، فيسجل القول والعمل الحسن، وأما الذي عن الشمال فيسجل القول والعمل السيئ، فاعمل ما شئت، فإنما تجمع لنفسك، وتحصد زرعك، فاستشعر دائما وأنت تهم بأية حركة أو بأية كلمة أن عن يمينك وعن شمالك من يسجل عليك الحركة والكلمة، لتراه في سجل حسابك حين تقرأه بين يدي الله، الذي لا يضيع عنده فتيل ولا قطمير.
ولذلك فإن العبد سيجد كتابه قد حوى كل شيء صدر منه، وعندها سيولول المجرمون قائلين ” يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ” فقل خيرا تغنم وإلا فاعلم أنك غدا ستندم، إن من الدروس المستفاده من حادثة تحويل القبلة هو تأكيد وسطية الأمة المحمدية الإسلامية في فكرها وتطبيقاتها فلا إنحراف ولا إنجراف، ولا إفراط ولا تفريط، حيث قال الإمام الماوردي في تفسيره الوسط من التوسط في الأمور، لأن المسلمين توسطوا في الدين، فلا هم أهل غلو فيه، ولا هم أهل تقصير فيه، وإن الله سبحانه وتعالي إختار من تاريخ الدعوة ومن حياة رسول الله المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم مواقف وأحداثا أنزل فيها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، وهذا لتظل العبرة والموعظة باقية دائمة.
وليتعلم المسلمون الدرس إذا ما تعرضوا لمثل هذه المواقف، وأن الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بالتوجه إلى بيت المقدس ليخلصهم من بقايا تعلقهم بالبيت الحرام، حيث كان فيه وقتئذ أصنام هُبل فوق الكعبة، وإساف ونائلة على الصفا والمروة، وأصنام حول الكعبة، وقيل أن المسلمين ظلوا قرابة سبعة عشر شهرا يتوجهون فى صلاتهم إلى بيت المقدس، وخلال هذه الفترة لم تنقطع حملة التشكيك وصناعة الزيف عن المسلمين، قائلين كيف تتبعون قبلتنا ولا تتبعون ملتنا؟ وتابع إنه كان ذلك يعز على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يلح فى الدعاء لربه أن يجعل قبلة المسلمين متميزة عن اليهود ويتمنى النبى المصطفي صلى الله عليه وسلم أن تكون قبلة المسلمين إلى الكعبة البهية قبلة أبو الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام، وأن قبيل تحويل القبلة.
أنزل الله تعالي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالي ” سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم ” وذلك ليهيئ نفوس المسلمين إلى معركة فكرية قادمة إذا ما إستجاب الله تعالي لنبيه صلى الله عليه وسلم وتم تحويل القبلة، وليكشف عن طبائع اليهود التى لا تنقطع عن السفسطة والجدال بالباطل، وأردف أن الله عز وجل لقن النبى المصطفي صلي الله عليه وسلم، والمسلمين حجتهم التى تعتمد الدليل العقلى، فقال تعالى ” قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم ” وأوضح أن المسلمين لا يعظمون الأشياء ولا الجهات ولا الأماكن لذاتها وإنما التعظيم لأمر الله تعالى، فالله عز وجل أمرنا أن نتوجه إلى بيت المقدس فتوجهنا ثم أمرنا أن نتوجه إلى البيت الحرام فتوجهنا، فالمؤمن يعظم أمر الله تعالى.