قادة خلدها الإسلام “خالد بن الوليد والخلفاء الراشدين”

بقلم / عاشور كرم


بعد وفاة الرسول انتقضت معظم القبائل العربية عدا أهل مكة والطائف والقبائل المجاورة لمكة والمدينة والطائف على خلافة أبي بكر الخليفة الجديد للمسلمين اختلفت أسباب الانتقاض فمنهم من ارتد عن الإسلام ومنهم من ظل على دين الإسلام مع رفضهم أداء فريضة الزكاة ومنهم من التف حول مدعي النبوة في القبائل العربيةواستغل مانعو الزكاة من قبائل عبس وذبيان وغطفان خروج بعث أسامة بن زيد الذي كان قد أوصى به الرسول قبل وفاته وحاولوا مهاجمة المدينة وبعد أن استطاع الخليفة أبو بكر الصديق صد الهجوم وإرسال من يطارد فلول المنهزمين عقد أبو بكر أحد عشر لواء لمحاربة المرتدين ومانعي الزكاة في جميع أرجاء جزيرة العرب وأمر أبو بكر خالد بن الوليد على أحد تلك الجيوش قوامه ٤٠٠٠ مقاتل ووجهه إلى إخضاع طيئ ثم محاربة مدعي النبوة طليحة بن خويلد وقبيلته بني أسد ثم التوجه لإخضاع بني تميم إلا أنه وقبل أن يتحرك الجيش وصل عدي بن حاتم الطائي بأموال زكاة طيء لتنضم بذلك طيء لجيش خالد واجتمعت قبائل أسد وفزارة وسليم وفلول عبس وذبيان وبكر حول طليحة بن خويلد الذي ادعى النبوة توجه إليهم خالد بجيشه واشتبك معهم في بزاخة وهزمهم وفر طليحة إلى الشام وأمر خالد بعد ذلك بمطاردة فلول المنهزمين ثم أمر بإحراق الأسرى بالنيران ونكل بهم وأرسل رؤساءهم مكبلين بالأصفاد إلى الخليفة لينظر ماذا يفعل بهم لما ألحقوا بمن بقوا على دينهم من أذى وليكون ذلك ردعا لمن سيلقاه بعد ذلك التفت الفلول حول أم زمل التي كانت لها ثارات عند المسلمين فقد قتل زيد بن حارثة أمها أم قرفة في سريته إلى بني فزارة لتحريضها قومها على قتال المسلمين فقاتلهم خالد في معركة كبيرة في ظفر وهزمهم وقتل أم زمل
بنو تميم
توجه خالد بعد ذلك بجيشه إلى بني تميم ولم تكن بنو تميم على موقف واحد فمنهم بطون إيتاء الزكاة وإتباع خليفة رسول الله ومنهم من رأى عكس ذلك وبقي فريق ثالث في حيرة من أمرهم فلما وصل جيش خالد البطاح وهي منزل بنو يربوع ولم يجد بها أحدا كان سيدهم مالك بن نويرة ممن كانوا تحيروا في أمرهم وكان قد أمر قومه بأن يتفرقوا وبث خالد السرايا وأمرهم بأن يأتوه بكل من لم يجب داعية الإسلام وإن امتنع أن يقتلوه وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذنوا إذا نزلوا منزلا فإن أذن القوم فكفوا عنهم وإن لم يؤذنوا فاقتلوا وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم عن الزكاة فإن أقروا فاقبلوا منهم وإن أبوا فقاتلوهم عندئذ جاءه الجند بمالك بن نويرة في جماعة من قومه واختلفت السرية فيهم فشهد أبو قتادة الأنصاري أنهم أقاموا الصلاة وقال آخرون: إنهم لم يؤذنوا ولم يصلوا وتم أسر مالك بن النويرة وجيئ به إلى خالد أمر خالد بقتل ابن نويرة واختلف الرواة في سبب قتل خالد مالكا فمنهم من قال أن الأسرى قتلوا لأن الليلة كانت باردة وقد أمر خالد بأن يدفئوا الأسرى وكانت تعني في لغة كنانة القتل فقتلهم الحراس

مسيلمة الكذاب
ادعى مسيلمة بن حبيب النبوة واستطاع أن يجمع حوله أربعين ألفا من قومه بني حنيفة وغيرهم ممن أقروا بنبوته وكان في شهادة (الرجال بن عنفو ة) الذي كان الرسول قد بعثه مع وفد بني حنيفة حين وفدوا عليه ليعلنوا إسلامهم في عام الوفود ليعلمهم الدين بأن محمدا قد أشركه في النبوة أكبر الدعم له في إدعائه مما زاد من خطورة فتنته على المسلمين لذا فقد وجه له أبو بكر لواء بقيادة عكرمة بن أبي جهل ثم أردفه بلواء آخر بقيادة شرحبيل بن حسنة وتسرع عكرمة في قراره بمواجهة جيش مسيلمة وحده قبل أن يدركه جيش شرحبيل بن حسنة مما عرضه لهزيمة نكراءو حين وصل شرحبيل بجيشه أدرك صعوبة الموقف لذا أرسل للخليفة ليعلمه بما كان حينئذ كان خالد قد فرغ من أمر بني تميم فأمره أبو بكر بالتوجه من البطاح إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب متنبي بني حنيفة حين وصل خالد بجيشه إلى ثنية اليمامة أدرك جيشه سرية من بني حنيفة فأمر بقتلهم واستبقى رئيسهم مجاعة بن مرارة لعله يستخلص منه بما ينفعه وقيده بالحديد في خيمته وجعل على حراسته زوجته أم تميم ونزل مسيلمة بجيشه في عقرباء على أطراف اليمامة ثم التقى الجمعان وكانت الغلبة في البداية لبني حنيفة فتراجع المسلمون حتى دخلوا فسطاط خالد وكادوا أن يبطشوا بأم تميم لولا أن أجارها مجاعة بن مرارة لما وجد منها من حسن معاملة حينئذ ثارت الحمية في قلوب المسلمين فأظهرالمهاجرون والأنصار بطولات قلبت دفة المعركة لصالحهم فتقهقرت بنو حنيفة يحتمون بحديقة مسورة منيعة الجدران تسمى بـ (حديقة الرحمن) أدرك المسلمون أنهم إن لم يسرعوا بالظفر بهم فقد يطول الحصار فطلب البراء بن مالك من رفقائه أن يحملوه ليتسور الحديقة وتبعه بعض زملائه واستطاعوا فتح باب الحديقة وأعمل المسلمون القتل في بني حنيفة وقتل وحشي بن حرب مسيلمة مما فت في عضد بني حنيفة ومن يومها وأصبحت الحديقة تسمى (بحديقة الموت)
بعد ذلك توجه خالد لفتح حصون اليمامة ولما تم لخالد النصر طلب من مجاعة أن يزوجه ابنته فلبى مجاعة طلبه وتسبب ذلك في إثارة غضب الخليفة وكبار الصحابة لأنه لم يختر الوقت المناسب لذلك فقد كانت المدينة في حالة حزن على فقدانهم لألف ومائتي شهيد بينهم و٣٩ من حفظة القرآن الكريم وهو ما استدعى جمعهم للقرآن وأرسل أبو بكر لخالد فعنفه أشد مما عنفه يوم زواجه من أم تميم فتألم خالد لغضب أبي بكر وبعد اليمامة انتهت مهمة خالد في حروب الردة فاتخذ له بيتا في أحد أودية اليمامة عاش فيه مع زوجتيه ومع إنتهاء حروب الردة بلغ أبا بكر أن المثنى بن حارثة الشيباني ورجال من قومه أغاروا على تخوم فارس حتى بلغ مصب دجلة والفرات

وأخيرا اختتم حديثي ب
دوره خالدبن الوليد في فتح العراق
رأى أبو بكر بأن يمد المثنى بمدد ليتابع غزواته لذا أمر خالد بأن يجمع جنده في اليمامة وألا يستكره أحدا منهم ويتوجه إلى العراق كما أمر عياض بن غنم بأن يتوجه إلى دومة الجندل ليخضع أهلهاثم يتوجه إلى الحيرة وأيهما بلغ الحيرة أولا تكون له القيادة وجد خالد أن جيشه قد قل عدده فطلب المدد من الخليفةفأمده بالقعقاع بن عمرو التميمي وتعجب الناس من هذا المدد فقال لهم أبو بكر: (لا يهزم جيش فيه مثل هذا) ثم بعد ذلك أدرك خالد المثنى قبل أن يصل إليه عياض بعشرة الآف مقاتل لينضم إليه ثمانية الآف مقاتل هم جند المثنى وكانت أول معارك خالد في العراق أمام جيش فارسي بقيادة (هرمز)في معركة ذات السلاسل في بداية المعركة طالب هرمز أن يبارز خالد وكان قد دبر مكيدة بأن يتكاتل عليه جنده فيقتلوه فيفت ذلك في عضد المسلمين فينهزموا لم يعط هرمز خالد قدره فقد قتله خالد قبل أن تكتمل المكيدة وأدرك القعقاع جند الفرس قبل أن يغدروا بخالد ليثبت بذلك للمسلمين صحة وجهة نظر الخليفة فيه بعد ذلك شد المسلمون على الفرس وهزموهم وأمر خالد المثنى بمطاردة الفلول استمر المثنى يطارد الفلول إلى أن ترامى إلى أذنه زحف جيش آخر بقيادة (قارن بن قريانس) فأرسل إلى خالد فلحقه خالد بالجيش والتحم الجيشان وللمرة الثانية يهزم جيش خالد جيشا فارسيا ويقتل قادته في معركة عرفت بمعركة المذار وواصل خالد زحفه شمالاً حتى بلغ الفراض وهي موقع على تخوم العراق والشام وأقام فيها شهرا لا يفصله عن الروم سوى مجرى الفرات فأرسل قائد الروم لخالد يطالبه بالاستسلام إلا أن خالد قال له أنه ينتظره في أرض المعركة ثم بعث إليه الروم يخيرونه إما أن يعبر إليهم أو يعبروا إليه فطالبهم بالعبور استغل خالد عبور الروم إليه وحاصرهم بجناحيه مستغلاوجود النهر خلفهم وهزمهم هزيمة ساحقة كانت معركة الفراض آخر معارك خالد بن الوليد في العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.