الفكر العقيم

بقلم : عاشور كرم

 

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن يتزوج المسلم عقيما ولو كانت ذات حسب ومنصب كما روى معقل بن يسار رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(( إني أصبت إمرأة ذات حسب ونسب إلا أنهها لا تلد أفأتزوجها؟ فنهاه ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فنهاه وقال: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم ))
إن مفهوم العقم حين يطرق اسماعنا فأننا نذهب بعدم قدرة الانسان على الانجاب كما جاء في حديث رسول الله غير أن هذه المفهوم أصبح فضفاض ويمكن أن يوظف في الكثير من المشاكل ومنها العقم الفكري يعد هو الآخر من أكثر أنواع العقم تأثيرا في المجتمعات سيما المجتمعات
العربية التي فقدت خاصية التجدد نتيجة للفشل في انتاج الافكار فهم يعتقدون دائما بصحة كل ما في عقولهم وأن كل من يخالفهم ليس على صواب ولا يمتلك الحقيقة فهم لهم رؤية أحادية للأمور بحصرها في زاوية واحدة ومنظور واحد فتجدهم يتشبثون برأيهم ولا يغيرونه مهما حدث أي أن هناك غياب لإمكانية الاقتناع عندهم لكن في مقابل ذلك هناك محاولة دائمة لإقناع الآخرين برأيهم و قد يبدو من الغريب أو غير المتوقع اعتبار أفكار العالم عديمة القيمة أو لا معنى لها فالعقل البشري ما هو إلا نسيج من الأفكار التي تعبر عن حقيقة صاحبها بشكل كبير ونعت العقول بالعقم لا يعني بالذات عدم قدرتها على ممارسة عملية التفكير بل على العكس من ذلك فهذه العقول تمتلك هذه القدرة ولكن من دون جدوى أي لا نتيجة إيجابية من قيامها بعملية التفكير وهذا ما يعني أنها لا تولد سوى الأفكار غير البناءة والتي لا فائدة منها بمعنى آخر يبقى التفكير عند هذه العقول هو لمجرد التفكير فقط مما يبرز انعدام النتيجة الفعالة ذات القيمة الإضافية
وإذا قلنا أن الموضوع ليس بالتفخيم الذي هو عليه وأن المجتمعات العربية منتجة للأفكار حالها حال المجتمعات الاخرى تتبادر الى اذهاننا جملة من الاسئلة منها مانوعية الافكار التي ينتجونها؟، وكم منها يحاول تمنية العقل البشري ورفده بالمعلومات ذات الاهمية؟ وهل هناك افكار تعطي مساحة للتنمية في النواحي الاقتصادية والفكرية عامة؟ وربما هو معلوم للكثير ان العقل البشري هو نسيج من الافكار بكل انواعها وهذه الافكار تعبر عن حقيقة عقل صاحبها بشكل كبير ونعت العقول بالعقم لا يعني بالذات عدم قدرتها على ممارسة عملية التفكير بل على العكس من ذلك فهذه العقول تمتلك هذه القدرة ولكن من دون جدوى أي لا نتيجة إيجابية من قيامها بعملية التفكير وهذا ما يعني أنها لا تولد سوى الأفكار غير البناءة والتي لا فائدة منها بمعنى آخر يبقى التفكير عند هذه العقول هو لمجرد التفكير فقط مما يبرز انعدام النتيجة الفعالة ذات القيمة الإضافية فالعقول التي يشوبها القصور في (التفكير الانتاجي) هي بالعادة تستقي من فكر عقيم وهذا ما يجعلها عاجزة عن إتيان بجديد معرفي أو فكري أو اقتصادي أو شيء تنموي وفي المجتمعات العربية يعيش الكثير من الناس في ظل العتمة الفكرية التي تهيمن على الساحة العربية أو على أغلبها ومن مظاهر العقم الفكري في العقل العربي بصورة عامة هي الدخول بجدل لا طائل منه مع عدم الانتهاء إلى نتيجة أو تقارب في الأفكار مع تمسك طرفي الجدال بمتباينتهم دون الإقرار بالخطأ وإن كان مقتنع منه في قرارة نفسه ومن المظاهر أيضا الانشغال بأمور بسيطة جدا لم تستحق أن تكون مدار حديث اطلاقا وحين يكون حضورا للأفكار القيمة فأنها تنتقد ويحاول القاصرين ان يحطوا من قيمتها حسدا منهم لأصحابها لانهم لم يتمكنوا من الاتيان بمثلها والسطحية في مناقشة الظواهر التي تحصل في المجتمعات والاعتماد على الامثلة غير والواقعية والركون الى العاطفة بدل المنطق في تفسير الاحداث والوقائع وفي الغالب يتم ربط معظم الوقائع الحاصلة في هذه المجتمعات بالمؤامرة الخارجية بالإضافة إلى أن التدافع الفكري فيها يكون سطحيا لا أثر لنتائجه سوى إنتاج مزيد من الحقد والفرقة

وأخيرا اختتم حديثي بأنه
يوجد طرق يمكن أن تتبع لإذابة الجمود الفكري سأذكر منها ماهو قابل للتنفيذ في مجتمعنا وهي سعي الجهات الرسمية عبر مؤسساتها الفكرية الى تثمين الافكار الفعالة وتبينها وتحويلها الى مشاريع تخدم المجتمعات الانسانية وهذا الدعم والتثمين سيكون حافزا لإنتاج الأفكار وبالتالي سينشأ جيلا مفكرا ساعيا للتطور الفكري والمعرفي الشامل وعلى المفكرين وحاملي مشاعل المعرفة والتنوير أن لايكترثوا لمن يحاول التقليل من نتاجهم الفكري وأن يستمروا في طريقهم خدمة لعقولهم التي وهبها الله إياهم وبذا يمكن أن يسير العقل في الحيز الذي يجب يكون فيه مؤثرا وفاعلا لا خاملا أو متقاعسا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.