الدكروري يكتب عن وفى الركاز الخمس


بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي وفقه العبادات حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ” العجماء جبار، وفى الركاز الخمس” وهذا الحيث متفق عليه، ومعني الركاز هو المال المدفون في الأرض او الكنوز المدغونه في الأرض من عصور الجاهلية القديمة، وقد قال ابن المنذر، لا نعلم أحدا خالف هذا الحديث إلا الحسن فإنه فرّق بين ما يوجد في أرض الحرب وأرض العرب ، فقال فيما يوجد في أرض الحرب الخمس ، وفيما يوجد في أرض العرب الزكاة، وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، ليس كل مدفون يكون ركازا، بل كل ما كان من دفن الجاهلية، أي من مدفون الجاهلية، ومعنى الجاهلية هو ما قبل الإسلام، وذلك بأن نجد في الأرض كنزا مدفونا، فإذا استخرجناه ووجدنا علامات الجاهلية فيه.

مثل أن يكون نقودا قد علم أنها قبل الإسلام، أو يكون عليها تاريخ قبل الإسلام، أو ما أشبه ذلك، وقوله” ففيه الخمس في قليله وكثيره ” فلا يشترط فيه النصاب، لعموم قول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” وفي الركاز الخمس ” ثم اختلف العلماء في الخمس، هل هو زكاة أو فيء ؟ وبناء على اختلافهم في ” أل ” في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ” الخمس ” هل هي لبيان الحقيقة أو هي للعهد ؟ فقال بعض العلماء إنه زكاة فتكون ” أل ” لبيان الحقيقة، ويترتب على هذا القول هو أن تكون زكاة الركاز أعلى ما يجب في الأموال الزكوية، لأن نصف العشر، والعشر، وربع العشر، وشاة من أربعين، أقل من الخمس، وأنه لا يشترط فيه النصاب، فتجب في قليله وكثيره، وأنه لا يشترط أن يكون من مال معيّن.

فيجب فيه الخمس سواء كان من الذهب أو الفضة أو المعادن الأخرى، بخلاف زكاة غيره، وإن الخمس المعهود في الإسلام، وهو خمس الغنيمة الذي يكون فيئا ويصرف في مصالح المسلمين العامة، وهذا هو الراجح، لأن جعله زكاة يخالف المعهود في باب الزكاة وأما من وجد كنزا وليس عليه علامات تدل أنه من دفن الجاهلية فهو في حكم اللقطة، وينتظر عليه سنة كاملة، ثم يحل له تملكه بعدها إلا أن يُعرف صاحبه قطعا فيجب دفعه له، أو تعويضه بقيمته في وقت التصرف به، ولا يجوز البحث عن الكنوز في أراض مملوكة لأحد، لأن هذا من التصرف في مال غيره بغير حق، ومن وجد مالا في أرضِ غيره فيجب أن يدفعه لصاحب الأرض، وينبغي للعقلاء أن لا يضيعوا أعمارهم في البحث عن مثل هذه الكنوز.

فإنها مضيعة للأوقات والأعمار والأموال، مع ما يترتب عليها من عقوبات من الدولة، وقد يعيش المرء دهره كله ولا يجد قطعة نقدية واحدة، وقد يشتغل المرء في الزراعة فيحرث أرضه ويوفقه الله لوجود ما يغتني به عمره كله، وقد يسلك كثير من الناس طرقا غير شرعية لاستخراج هذه الكنوز، فبعضهم يستعين بالسحرة والكهنة والمشعوذين، وآخرون يعتمدون على اتصالهم بالجن، وكل هذه الطرق غير شرعية، وهي توجب استحقاق الإثم العظيم على فاعله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.