التعصب الأعمى

 

بقلم / عاشور كرم

 

هو اضطراب عصبي وظيفي غير مصحوب بتغير بنيوي في الجهاز العصبي ترافقه في كثير من الأحيان أعراض هستيريا وحصر نفسي وهواجس مختلفة ومريض العصاب لا يعاني من الهلوسة أو من فقدان الصلة مع الواقع أما سلوك الأشخاص الذين يعانون من العصاب فهو سلوك عادي وطبيعي سلوك مقبول ضمن المعايير الاجتماعية السائدة وهو الحماس الأعمى والعاطفي الناتج عن الآراء الخرافية مما يدفع الناس إلى ارتكاب أفعال سخيفة وغير عادلة وقاسية ليس فقط من دون أي خجل أو ندم ولكن حتى مع نوع من الفرح والراحة وهو لغة واصطلاحا يحمل معنى الشدة والتشدد بصحة الرأي وعدم الاستعداد لتقبل الرأي الآخر حتى لو كان على صواب ويبدو أن هناك تقاطعاً بين مظاهر التعصب وأسبابه ولكن الذي لا شك فيه أن التعصب ارتبط بكلمه الأعمى ويعد لهذا الارتباط دلالة كبيرة بحيث يعني ذلك أن التعصب هنا يعمي البصر والبصيرة فيتحول الإنسان المتعصب إلى شخص أعمى حتى لو كان مبصراً فهو هنا لا يرى أمامه إلا ما هو مرسوم وراسخ في عقله وبالتالي تفقد العين هنا قدرتها على الرؤية ويمكن أن نقوم بتشبيه هنا من أجل تقريب الفكرة بأن المتعصب هو من يضع يده أمام عينه مباشرة بحيث لا يستطيع فقط أن يرى من العالم الذي أمامه سوى كفة يده التي تشكل عالمه الخارجي ولا يستطيع أن يرى سواها

ولكن إذا بدأ الفرد بإبعاد كفة يده قليلاً عن عينيه فإنه يرى بعض الجوانب الخارجة عن نطاق الكف ويعني ذلك بدء مشاهدة أشياء جديدة إضافة إلى كفة اليد وهكذا بمعنى أن إبعاد الكف عن العين لمسافة اكبر تعنى توسع مجال الرؤية وهكذا نجد أن التعصب هو نقيض التسامح والانفتاح و رديف الانغلاق بمعنى الانغلاق على الذات والانغلاق الفكري بحيث يتم التمسك بأفكار معينة يتم التقوقع حولها ولا يتم التفكير في التحليق خارجها بل يبقى الفرد أسير هذه الأفكار دون سواها وهو أيضاً تعبيرا عن التحجر في مقابل الابتعاد عن المرونة وهناك أنواع من التعصب مثل التعصب الفكري والديني والمذهبي والقومي والطبقي والحزبي والقبلي والعائلي فالتعصب كنمط سلوكي التعصب هو الحماس الأعمى والعاطفي الناتج عن الآراء الخرافية، مما يدفع الناس إلى ارتكاب أفعال سخيفة وغير عادلة وقاسية، ليس فقط من دون أي خجل أو ندم، ولكن حتى مع نوع من الفرح والراحة
و من مرجعية فكرية مغلقة يتم نقله وتعميمه في المجتمع من خلال التربية حيث أن التعصب هو في الوقت نفسه مظهر من مظاهر التربية التي تمارس في البيت على اعتبار أن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع وهي البيئة الأولى الذي يكتسب منها الفرد قيمه وثقافته ومنظوره إلى العالم الخارجي المحيط وهنا يتم الارتباط بين البعد التلقيني والسلطوي في التربية وبين التعصب لأن الارتباط هنا ارتباطاً عضوياً بمعنى أن التربية البيتية القمعية والتلقينية التي يغيب فيها حرية التعبير عن الرأي وتقبل الرأي الآخر لا يمكن أن تنتج إلا شخصا متعصبا سلطوياً قمعياً تلقينياً يقوم بعملية تقمص مستمرة لشخصية من قام بقمعه سواء على صعيد الأب أو الأم أو الأخ الأكبر وهو هنا يدور في عملية لا متناهية من تقمص الأدوار وهذا يوصلنا إلى نتيجة مفادها أن فلسفة وأهداف التربية لأي مجتمع هي التي تحدد طبيعة التربية الممارسة وهي التي تنتج بالتأكيد نمطية تعصبية ممارسة

وأخيرا اختتم حديثي بأن

للتعصب أضرار كثيرة يمكن إجمالها فيما فالمتعصب لا يرى الواقع على حقيقته  لأنه يرى ما يميل إليه ولا يرى ما يرى غيره وإن كان ظاهرا للعيان لا يمكن جحوده وبالتالي فأحكامه لا يمكن أن تكون وفق مقتضي الحكمة والصواب كما أنه يقطع النسيج الاجتماعي ويفيد العلاقات ويوسع هوة الخلاف ويقلل فرص التوصل لحلول ناجحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.