التربية وغياب الوالدين

بقلم : عاشور كرم

في زمان مع وجود الوالدين فهما غائبان عن المشهد وكأنهما ليس لهما وجود بهذه الحياة وكأنهما ليس لهما رسالة كليهما في واد وأبنائهم في واد آخر كيف وقد أمرنا الله ورسولة برعاية هذه الأمانة فمن واجب الأسرة تجاه أولادها الرعاية والتربية
قد يتعرض الأبناء خاصة في مرحلة المراهقة إلى التأثر السلبي في أخلاقهم وعاداتهم وتصرفاتهم بالتصرفات الخاطئة لبعض أصدقائهم فذلك يستلزم جهدا حثيثا من الآباء والأمهات لحماية أبنائهم فيجب
أن يكون الأبوان على قدر عال من الأخلاق والسلوك حتى يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم وتربية أبنائهم والتنشئة الصالحة على مبادئ الإسلام وتعاليمه فالابن ينشأ على ما يغرسه فيه أبواه

ففي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ) وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم يتعهَّد الأطفال بالتربية وغرس القيم الحسنة في نفوسهم فعن بن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوما فقال: ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ) ويجب أن يحرص الأبوان على أن يزرعا في أبنائهما محاسن الأخلاق منذ الصغر يقول الإمام الغزالي في “إحياء علوم الدين ( اعلم أنَّ الصبي أَمَانَةٌ عِنْدَ وَالِدَيْهِ وَقَلْبُهُ الطَّاهِرُ جَوْهَرَةٌ نَفِيسَةٌ سَاذَجَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ كُلِّ نَقْشٍ وَصُورَةٍ، وَهُوَ قَابِلٌ لِكُلِّ مَا نُقِشَ وَمَائِلٌ إِلَى كُلِّ مَا يُمَالُ بِهِ إِلَيْهِ فَإِنْ عُوِّدَ الْخَيْرَ وَعُلِّمَهُ نَشَأَ عَلَيْهِ وَسَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وشاركه في ثوابه أبوه وَكُلُّ مُعَلِّمٍ لَهُ وَمُؤَدِّبٍ وَإِنْ عُوِّدَ الشَّرَّ وَأُهْمِلَ إِهْمَالَ الْبَهَائِمِ شَقِيَ وَهَلَكَ وَكَانَ الْوِزْرُ في رقبة القيّم عليه والوالي له وقد قال الله عز وجل (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًاً ) وَمَهْمَا كَانَ الْأَبُ يَصُونُهُ عَنْ نَارِ الدُّنْيَا فَبِأَنْ يَصُونَهُ عَنْ نَارِ الْآخِرَةِ أَوْلَى وَصِيَانَتُهُ بِأَنْ يُؤَدِّبَهُ وَيُهَذِّبَهُ وَيُعَلِّمَهُ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ وَيَحْفَظَهُ من قُرناء السُّوءِ ) وعليهما وضع أبنائهم تحت الرعاية الدائمة نُصْحًا وتوجيهًا وتعديلًا لسلوكهم؛ مما يجعلهم على اتصال دائم بهم وقد كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يعلم الصغارويؤدّبهم بلطفٍ ولينٍ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ الحسن بن علي رضي الله عنهما أخذ تمرة من تمر الصدقة وجعلها في فيه فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : (كِخْ كِخْ ) لِيَطْرَحَهَا ثُمَّ قَالَ: ( أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ)
فعلي الآباء والأمهات شغل أوقات فراغ أبنائهم بكل ما هو مفيد فلا يخفى أنّ الفراغ سبب في وقوع الكثير من المصائب والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وقد كان بن مسعود رضي الله عنه يقول: “إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا وَلَا عَمَلِ الْآخِرَةِ .

وأخيرا اختتم حديثي بأنه

يجب أن يحرص الوالدين على تَخَيُّر صُحبة أبنائهم فإن للصحبة والصداقة تأثيرا كبيرا على شخصية المرء فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أنَّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: ( إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْء كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خبيثة )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.