البهتان

بقلم / عاشور كرم


هو الكذب والافتراء الباطل الذي يتحير منه
قال تعالي في كتابه الكريم : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))

قال : بن حجر الهيتمي البهتان من كبائر الذنوب وذكَر أنه أشدُّ من الغيبة إذ هو كذبٌ فيشق على كل أحد بخلاف الغيبة التي لا يشق على بعض العقلاء لأنها فيه وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد: ((خمس ليست لهن كفارة: الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وبهت مؤمن والفرار يوم الزحف ويمين صابرة أي: كاذبة يقتطع بها مالا بغير حق))

الفرق بين البهتان والاغتياب والافتراءوالإفك

تتقارب معاني هذه الألفاظ بيد أنها عند التدقيق مما تختلف دلالته وتتفاوت فالاغتياب: هو أن يتكلم شخصٌ خلف إنسان مستور بكلام هو فيه وإن لم يكن ذلك الكلام فيه فهو بهتان والكذب الفاحش الذي يُدْهَشُ له سامعه هو بهتان إن لم يكن بحضرة المقول فيه فإن كان بحضرته كان افتراء سواء أكان ذلك عن قصد أم عن غير قصد فإذا كان ذلك عن قصد كان
إفكًا
وكان أشده الافتراء على الله. كما نهى عنها النبي محمد ﷺ في مواضع مختلفة. ولذلك حذر منها أيضًا فقهاء الإسلام من بعده ويرى بعضهم أنها أكبر الذنوب فخصصوا لتلك الصفة أبوابا في كتبهم وخطبهم كما فصلوا في أنواعها لتبيانها والتحذير منها وبيان أسبابها وآثارها وطرق معالجتها وجمعوا فيها أقوال السلف وشعر العرب الذي قيل في بيانها

صور وأنواع البهتان
الافتراء على الله تعالى ومن صوره ،

التشريع في دين الله من غير المستند الشرعي قال تعالى : (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حراما وحلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ))

الإفتاء من دون علم قال تعالى (( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ))

ادعاء الولاية والكرامة قال تعالى: ((ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ..))

الكذب في الرؤيا: عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: (إن من أفرى الفرى أن يُري عينه ما لم ترَ)

الافتراء على الأنبياء والرسل: قال تعالى :(( لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ))

الافتراء بانتساب الرجل إلى غير أبيه: فعن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: (إنَّ أعظم الناس فِرْيَة… ورجل انتفى من أبيه وزنَّى أمه)

هجاء وسبُّ المؤمنين الأبرياء: عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: (إن أعظم الناس فرية لرجل هاجى رجلًا فهجا القبيلة بأسرها)

وأخيرا اختتم حديثي بأنه

لما كان من أعظم ما يدخل الناس النار الفم والفرج كان حريا بالعبد أن يصون لسانه ويمسكه عما حرم الله ونهى عنه من الكذب والغيبة والنميمة وغيرها من الآفات المهلكة ومن أعظم هذه الآفات آفة البهتان التي عدها بعض أهل العلم من الكبائر وذلك لقوله تعالي ((وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.