بقلم / محمـــد الدكـــروري
الجمعة الموافق 22 نوفمبر 2024
إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أصدق الحديث كلام الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد يا أخي الكريم إزهد في الدنيا يحبك الله، وإزهد فيما يحبك الناس واقنع بالقليل واعمل بالتنزيل واستعد للرحيل وخف الجليل، فلا عيش لممقوت، ولا راحة لمعاد ولا أمن لمذنب ولا محب لفاجر ولا ثناء على كاذب ولا ثقة بغادر، فعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له.
وأن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، فالابتسامة هي مفتاح السعادة والحب بابها والسرور حديقتها والإيمان نورها والأمان جدارها، وأن البهجة هي وجه جميل وروض أخضر وماء بارد وكتاب مفيد مع قلب يقدر النعمة ويترك الإثم ويحب الخير، وقد سئل الفضيل رحمه الله عن التواضع ما هو؟ فقال أن تخضع للحق وتنقاد له ولو سمعته من صبي قبلته، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته، وإن من علامات الكبر هو إحتقار الناس وازدراؤهم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الكبر بطر الحق وغمط الناس” رواه مسلم، ومعني بطر الحق أي التكبر على الحق فلا يقبله، ومعني غمط الناس أي إحتقارهم والإستهانة بهم، فالمتكبر يحتقر الفقراء والمعوزين ويأنف أن يأكل أو يجلس معهم.
واعلم أن للكبر آثارا تظهر على الجوارح كلها، فترى المتكبر إن سمح أن يمشي مع الناس يكون متقدما عليهم، حريصا جدا أن يكونوا كلهم خلفه، وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو على غناه لا يعرف من بين خدمه إذ كان لا يظهر في صورة ظاهرة عنهم، وقيل أنه مشى قوم وراء الإمام الحسن البصري رحمه الله فمنعهم، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض الأوقات يمشي مع بعض أصحابه، فيأمرهم بالتقدم، ويمشي خلفهم، حتى يعلمهم، ويدفع عن نفسه داء الكبر والإعجاب، وإن من آثار الكبر أن يتكبر الرجل على أهله فلا يتعاطى شغلا في بيته، وخاصة اذا طلب منه ذلك ترفع وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان في مهنة أهله”
ويعني في خدمتهم ومعاونتهم، وروي عن أمير المؤمنين عمر بن العزيز رحمه الله تعالى أتاه ليلة ضيف وكان يكتب، فكاد المصباح أن يطفأ، فقال الضيف أقوم إلى المصباح فأصلحه، فقال ليس من كرم الرجل أن يستخدم ضيفه، قال أفأنبه الغلام؟ أي الخادم، فقال عمر هي أول نومة نامها، فقام وملأ المصباح زيتا، فقال الضيف قمت أنت يا أمير المؤمنين؟ فقال ذهبت وأنا عمر، ورجعت وأنا عمر، ما نقص مني شيء، وخير الناس من كان عند الله متواضعا، ومن آثار الكبر هو لبس بعض الرجال خاتم ذهب أو ساعة فيها ذهب، أو نظارات فيها ذهب، أوجنبية فيها ذهب فاسمع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حين رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فرماه، ثم قال “يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده”.