بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن معنى أن يكون العبد مسلما أن يكون منقادا لله بالطاعة، فيستجيب لأوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، ويحرص على ذلك في صغير الأمر وكبيره، ودقيقه وجليله، ويعلم أن من دلائل محبته لربه ومحبته لرسوله صلى الله عليه وسلم، من علامات ذلك، طاعتهما في جميع ما يأمران، ويدرك أنه بطاعته لربه وطاعته لرسوله صلى الله عليه وسلم تحصل له الهداية والفلاح، تحصل له الرحمة والخير، ويعلم المسلم أن في مخالفة أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وعدم طاعتهما، في ذلك الشقاء، في ذلك الهلاك، في ذلك الخسارة والخيبة، والمسلم يعلم أن من مقتضيات إسلامه إقامته للصلاة ومحافظته عليها، فهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ويعلم أن ترك الصلاة كفر أعظم، وشرك بيّن، فيقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح “إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” ويقول صلى الله عليه وسلم.
“العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر” فكيف بالله عليكم يكون مسلما من هو تارك للصلوات مضيع لها؟ إنه لا دين لمن لا صلاة له، لا إسلام لمن لا صلاة له، والمسلم يعلم أن من مقتضات إسلامه حرصه على تطهير ماله بأداء ما افترض الله عليه من الزكاة الواجبة في قليل المال وكثيره، وإيصالها لمستحقيها من الفقراء والمساكين، ويعظم شهر رمضان بصيامه، ويحذر من انتهاك حرمة الشهر بالفطر لغير عذر شرعي، ويسارع إلى أداء ما افترض الله عليه من حج بيت الله الحرام، مستحضرا الوعيد الشديد بالتساهل بذلك، والمسلم يعلم أن من مقتضيات كونه مسلما اجتنابه المحرمات، فلا يقدم على معصية خالقه، لا يقبل على مخالفة معبوده وسيده ومالك جميع أموره، فيترك الزنا وقتل النفس بغير حق، ويجتنب المسكرات والمخدرات، ويبتعد عن المنكرات والسحر والكهانة وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات، ومن يفعل ذلك يلق أثاما.
والمسلم يعلم أن من مقتضيات إسلامه أنه يحب في الله ويبغض في الله، ويوالي في الله ويعادي في الله، يحب من أحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويبغض من يبغضه الله عز وجل ويبغضه رسوله صلى الله عليه وسلم، فأساس علاقاته وموالاته ومعاداته تقوم كلها على الحب في الله والبغض في الله، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله” ويقول صلى الله عليه وسلم “من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله، فقد استكمل الإيمان” فإنه يحب أهل الطاعة والديانة والأمانة، يحب أهل الصلاح والإيمان والاستقامة، يحبهم ويواليهم، ويبغض أهل الفسق والضلال والإجرام والانحراف ويعاديهم، ولو كانوا أقرب الناس إليه من أب أو ابن أو أخ أو أخت، وإن المسلم يعلم أن من مقتضيات كونه مسلما أن ينصر دين الله، ينصر شريعة الله، بكل ما يستطيع من قول أو فعل.
أو موقف ايجابي يمكن أن يصنف على أنه نصرة للدين ونصرة لشريعة رب العالمين، يحب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، يحب علماء الشريعة والدعاة إلى الله عز وجل، لأنهم يدعون الناس إلى الله، ويرغّبون في طاعة الله، ويحذرونهم من معصيته والإعراض عنه، والمسلم تراه آمرا بالمعروف أهله وأقرباءه وأصدقاءه وجيرانه، من يعرف ومن لا يعرف، لأن ذلك من أخص خصائص أهل الإيمان، ومن مقتضيات كون العبد مسلما بره بوالديه، وإحسانه إليهما، بقوله وفعله، وحذره من عقوقهما بقول أو فعل أو إشارة أو تصرف يحزنهما، ويوقن أنه لا أحد أحق بحسن الصحبة والمعاشرة من والديه، فقد جاء رجل إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال “أمك” قال ثم مَن؟ قال “أمك” قال ثم من؟ قال “أمك” قال ثم من؟ قال “أبوك”
وكذلك يعلم أن عقوق الوالدين من أعظم أسباب دخول النار والحرمان من جنة الله عز وجل، وفي الحديث “لا يدخل الجنة عاق” وهو مع ذلك واصل لرحمه من إخوان وأخوات، وأعمام وعمات، وأخوال وخالات، يصلهم ويكرمهم بالقول والفعل والهدية والزيارة ونحو ذلك، ويحذر ما حذره الله ورسوله منه من قطيعة رحمه، والمسلم يعلم أن من مقتضيات إسلامه وكونه مسلما بُعده عن الظلم بشتى صوره وأشكاله وأنواعه، فهو لا يظلم غيره بقول ولا فعل، يسمع قول ربه عز وجل، في الحديث القدسي “يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا” فيبتعد ويحذر من ظلم الآخرين في أموالهم أو أعراضهم أو أبشارهم أو دمائهم، فإن “كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه” كما صح بذلك الحديث.