الدكروري يكتب عن صفة الحج المبرور

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحج المبرور هو أن يرجع العبد زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة، كما قال ذلك الحسن البصري رحمه الله، وإن من صفة الحج والعمرة، وهو أن يُحرم الحاج من الميقات، ثم يلبّي حتى يصل إلى البيت الحرام، ثم يبدأ بالطواف من الحجر الأسود، ويسن في هذا الطواف وهو أول طواف يأتي به القادم شيئان الاضطباع في جميع الأشواط، والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، فإن أقيمت الصلاة أثناء الطواف، بدأ بعدها من موضعه الذي وقف فيه، على الأظهر من قولي العلماء، ثم يسوي رداءه بعد الفراغ من الطواف، ويصلي ركعتين خلف المقام، ويشرب من ماء زمزم إن تيسر له، ويسعى بين الصفا والمروة، وينبغي للنساء عدم مزاحمة الرجال بتقبيل الحجر، أو الرمي، أو الطواف، فيحلق إلا إذا كان متمتعا فإنه يقصّر لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم بذلك، وحتى من أراد الأضحية يقصر.

وأما عن محظورات الإحرام، فهى إزالة شعر الرأس بحلق أو غيره، والحلق به القلع أو النتف أو نحوه، وأيضا إزالة الظفر، وأيضا استعمال الطيب في بدنه أو ثيابه، أو المأكول أو المشروب، وأيضا لبس القفازين، وأيضا المباشرة بشهوة، سواء القبلة، أو الغمز، أو الوطء دون الفرج، وإن فدية هذه الأشياء على التخيير، وهي فدية الأذى، وهى صيام ثلاثة أيام، أوإطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، وهذا إذا فعلها متعمدا، وأما عن الجماع في الفرج، إن كان قبل التحلل الأول فسد نسكه، ووجب المضي فيه، وعليه بدنة، والقضاء من العام القادم، وأما عن عقد النكاح “لا ينكح المحرم ولا ينكح” وأما عن قتل صيد البر المتوحش فقد قال تعالى فى سورة المائدة ” يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم” وعليه جزية، وهي ذبح شاة يفرقها على فقراء الحرم، أو يقومه بطعام يفرقه على فقراء الحرم، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوما.

وأيضا تغطية الرأس بملاصق، أو لبس المخيط، أو تغطية الوجه على أية صفة كانت، إلا المرأة إن مرّ بها رجال أجانب، وأما عن صفة الحج إذا كان اليوم الثامن، فإنه يسمى اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية، وفي وقت الضحى من هذا اليوم يُحرم الحاج من المكان الذي هو نازل فيه، حيث ينوي أداء مناسك الحج، وقبل التلبية، ويغتسل المتمتع ويتنظف، ويقص أظافره، ويحف شاربه، ويحلق عانته، ويلبس الإزار والرداء الأبيضين، وأما المرأة فتلبس ما شاءت غير النقاب والبرقع والقفازين، وأما القارن والمفرد فيكون عليهما الإحرام من قبل، فلا يفعلان كما يفعل المتمتع من قص وغيره، وبعد ذلك من السنة على كل حاج تغطية كتفه بعد لبس الإحرام، ثم يلبي ويقول “لبيك حجّا” وإن كان خائفا من عائق يمنعه من إتمام حجه، يشترط فيقول “إن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني” وإن لم يكن خائفا لم يشترط.

وبعدما ينوي الحج يجب عليه أن يتجنب محظورات الإحرام، ثم يكثر من التلبية، وهي “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، ولا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة في اليوم العاشر، وينطلق إلى منى، ثم يلبي حيث يصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، كل صلاة في وقتها، ويقصر الرباعية منها إلى ركعتين قصرا، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على شيء من السنن الرواتب في السفر، إلا سنة الفجر والوتر، وعليه أن يحافظ على الأذكار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة أذكار الصباح والمساء والنوم وغيرها، ثم يبيت في منى هذه الليلة، وأما عن أعمال اليوم التاسع وهو يوم عرفة، فإنه إذا صلى الفجر، وطلعت عليه الشمس، انطلق إلى عرفة وهو يلبي ويكبّر، ويكره صيام هذا اليوم للحاج، ووقف النبي صلى الله عليه وسلم مفطرا، حيث أرسل إليه بقدح لبن فشربه.

ومن السنة النزول إلى نمرة إن أمكن، ثم تكون هنالك خطبة، وبعدها يصلي الظهر والعصر جمع تقديم، ركعتين ركعتين، بأذان واحد وإقامتين، ثم يدخل عرفة، ويتأكد أنه داخل حدودها لأن وادي عُرنة ليس من عرفة، ويتفرغ للذكر والتضرع إلى الله عز وجل والدعاء بخشوع وحضور قلب، وإن عرفة كلها موقف، وإن تيسر له أن يجعل جبل الرحمة بينه وبين القبلة كان أفضل، وليس من السنة صعود جبل الرحمة، وأثناء الدعاء يستقبل القبلة رافعا يديه يدعو بخشوع وحضور قلب حتى الغروب، ويكثر من قول “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير” ويكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يخرج من عرفة إلا بعد غروب الشمس، بعد الغروب ينطلق الحاج إلى مزدلفة بهدوء وسكينه، وإذا وجد متسعا أسرع، وحين يصلي المغرب والعشاء جمعا “المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين”

ثم ينام حتى الفجر، أما الضعفاء والنساء والأطفال، فيجوز لهم الذهاب إلى منى بعد منتصف الليل، وأما عن أعمال اليوم العاشر وهو يوم النحر وهو يوم العيد، فلا بد من صلاة الفجر لجميع الحجاج، إلا الضعفاء والنساء، وبعد صلاة الفجر تستقبل القبلة “فتحمد الله وتكبر وتهلل، وتدعو الله حتى يسفر الجو جدا، ويبدأ التكبير المقيد بعد الظهر” ثم تنطلق قبل طلوع الشمس إلى منى ملبيا وعليك السكينة، وإذا مررت بوادي “محسر” تسرع إن أمكن، وتلتقط سبع حصيات من أي مكان من طريق مزدلفة أو من منى، ثم عليك رمي جمرة العقبة، حيث ترمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات، واحدة بعد الأخرى، وتكبر مع كل حصاة، ثم عليك ذبح الهدي، حيث تذبح الهدي، وتأكل منه، وتوزعه على الفقراء “وهو واجب على المتمتع والقارن فقط، أما المفرد فلا” ثم عليك حلق الرأس أو تقصيره ثم تحلق أو تقصر مع تعميم الرأس كله، والحلق أفضل “مبتدئا باليمين”

والمرأة تقصر قدر أنملة” وهي طرف الإصبع، وبذلك تتحلل التحلل الأول، فتلبس ثيابك وتتطيب، ويحل لك جميع محظورات الإحرام إلا النساء، علما أنه يحصل التحلل الأول من فعل اثنين من ثلاثة أفعال من الرمي والحلق والطواف” ثم عليك طواف الإفاضة بعد ذلك تذهب إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة “بدون رمل للرجل” وتصلي ركعتي الطواف، ثم عليك السعي، والسعي على المتمتع، وكذلك على القارن والمفرد الذي لم يسعى في طواف القدوم، وبذلك تتحلل التحلل الكامل، وإن قدّم الحاج بعض هذه الأمور على بعض، فلا حرج، وتشرب من ماء زمزم، وتصلي الظهر في مكة إن أمكن، ثم عليك المبيت بمنى باقي الليالي، ورمي جمرات اليومين الحادي عشر والثاني عشر، والثالث عشر لغير المستعجل، ثم تطوف طواف الوداع، ثم بعد ذلك تنتهي أعمال حجك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.