إذا صلحت صلح سائر الجسد

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الجمعة الموافق 3 يناير 2025

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن الناس يبغضون من لاينسى زلاتهم ولايزال يذكر بها ويمنّ على من عفا عنه، فالناس يكرهون ذلك الإنسان الذي يذكر الناس بأخطائهم ويعيدها عليهم مرة بعد مرة والله عز وجل يقول “والعافين عن الناس” ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم “من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ” فالذي يذكر ويعيد الخطأ يكره الناس الإجتماع به والإرتياح إليه، وإحذر من النقد المباشر، فإن الإنتقاد لايحتاج إلى موهبة خاصة أو بذل نشاط كبير، ففي وسع أي أحمق أن يشنع على رجل ذي عبقرية وتميز وأن يتهمه ويسخر منه، ودعنا نحاول أن نفهم الأخرين ونتلمس لهم الأعذار حين تقصيرهم فهذا أمتع من النقد المباشر، فطبيعة البشر تأبى ذلك.

نعم قد ينفذ الشخص المنتقد المطلوب منه ولو كان الأسلوب مباشر وبنقد حاد ولكن لو كانت الطريقة ألطف كان ذلك أدعى للقبول، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ومن ذلك ما ورد في قصة القوم الفقراء والذين جاؤوا وكانوا كلهم من مُضر، وتأثر الرسول صلى الله عليه وسلم لما لهم من الفقر فقام وخطب الناس ثم قال ” تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع تمره” ولم يقل تصدقوا ولم يعاتبهم على عدم الصدقة، فانظر النتيجة أنه جاء رجل من الأنصار بصرّة كادت تعجز يده عن حملها، بل عجزت وقدمها للرسول صلى الله عليه وسلم فإستهل وجهه وقام الناس وتصدقوا فأصبح عنده كومة من الصدقات وفرح الرسول صلى الله عليه وسلم فقال ” من سنّ في الإسلام سنة حسنة كان له اجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة” إلي آخر الحديث.

وهكذا فإحذر من النقد المباشر الذي لا تكسب منه سوى إيغار الصدور، وإن من آثار التعلق بغير الله تعالي هو سبب لسوء الخاتمة، فمحبة غير الله تعالي من أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله فمن تعلق قلبه بشيء ذكره أثناء الاحتضار فمن تعلق قلبه بالتجارة والأموال ذكرها عند موته ومن تعلق بالأغاني ذكرها عند موته ومن تعلق قلبه بالقرآن لهج لسانه بذكره عند الموت وهكذا فمن تعلق قلبه بأحد خلق الله ذكره عند موته وكان سببا في سوء خاتمته، وشقائه وفي ذلك قصص كثيرة، وكما أن من آثار التعلق بغير الله تعالي هو فساد الحواس ذلك مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم “إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب” فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان فيرى القبيح حسنا، وكذلك الوقوع في معصية الغلو والتعظيم.

وأيضا الوقوع في كثير من الأخطاء، وجعل العاطفة هي الحكم في كثير من القضايا، وعدم كمال الإخلاص، وإضاعة الوقت فيما لا طائل منه ولا فائدة، وخلو القلب من خشية الله ومحبته، والفرح والسرور عند لقيا من أعجب به دون غيره من الناس، وذوبان شخصية المعجب بمن أعجب به، وبالتالي فقدان شخصيته المتميز بها، وإنسياق من وقع في الإعجاب وراء من أعجب به، وتأثير الحالة النفسية للمعجب على الدور الأسري والاجتماعي، ويعين الشباب على الكذب ويعودهم عليه، والمذلة والمهانة، وكما أنه يؤدي إلى إنتشار الحقد والحسد والكراهية، وإن كثيرا من قضايا التعلق إنتهت بالمشاكل والتهم والشكوك، بل الكثير يذكر أنها حياة مملة لما تقدم ولكثرة اللقاءات التي تكون سببا في نقص أدب الحديث وكثرة النزاع والخلاف.

بل إفتعالها على أتفه الأسباب وقلة الإحترام والتقدير بل تتعجب من أحوال المتعلقين عندما يجلسون الساعات بدون كلام ينظر بعضهم إلى بعض يدورون ويأكلون ومن مطعم إلى مطعم ومن شارع إلى شارع كل يستعرض بصديقه وغالب الأيام على هذه الحال، ولنعلم أنه من خلال التجربة والمعايشة والملاحظة أن قضايا التعلق بأنواعه لا تطول وإن طالت لابد لها من النهاية، أو الرجوع إلى حد المحبة الطبيعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.