أفضل الصدقات


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من أفضل الصدقات هى الصدقة علـى الجار، والصدقة الجارية وهي ما يبقى بعد موت العبد، ويستمر أجره عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم، والصدقة لها معنى واسع، فهِي تشمل عمل كل خير، إرشاد الضال، إماطة الأذى، العدل بين اثنين، التبسم في وجه أخيك المسلم، غرس شجرة، تعليم علم نافع، إصلاح ذات البين، الكلمة الطيبة صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” على كل مسلمٍ صدقة” فقالوا يا نبي الله، فمن لم نجد؟ قال ” يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق” قالوا فإن لم يجد؟ قال ” يعين ذا الحاجة الملهوف” قالوا فإن لم يجد؟ قال ” فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة” رواه البخارى، ومن كرم الله تعالى وفضله أنه يرزقك المال.

فإذا أنفقته في سبيله أخلفه الله عليك، وقد يتنوع هذا الخلف، فيكون صحة، أو مالا، أو صلاحا، أو إصلاحا، أو دفعا لبلاء، أو غير ذلك من أنواع الخلف، فكن من ذلك على يقين تام، فهذا اليقين سيدفعك بإذن الله تعالى إلى الإكثار من الصدقة في سبيل الله تعالى فعن أبي الخير قال سمعت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كل امرئ فى ظل صدقته حتى يقضى بين الناس” أو قال ” حتى يحكم بين الناس” وقيل كان أبو الخير لا يخطئه يوم، إلا تصدق بكعكة أو بفولة أو ببصلة، وإن من حقيقة الصدقة، أنك نقلت مالك من حساب الدنيا إلى حساب الآخرة، لا كما قد يتوهم بعض الناس أنه خرج منك إلى غيرك، فهو ما زال لك، بل أصبح مضاعفا إلى أضعاف كثيرة، فهو مُدخر لك، مخلوف عليك، وإن الصدقة الدائمة ولو كانت قليلة.

فهي في مجموعها كثيرة، فهي كالنقاط المجتمعة حتى كانت سيلا من الماء، ولا تستقل شيئا من الصدقة، فإن عدم الصدقة أقل من هذا القليل، وإن الصدقة الخفية هي إحدى صفات من كانوا تحت ظل العرش، فاحرص على إخفائها ولكن إن كان هناك مصلحة من إظهارها فقد قال تعالى فى سورة البقرة ” إن تبدوا الصدقات فنعما هى” فكن من أهل الإخفاء، أو الإظهار كل بحسبه، والصدقة هى زكاة للمال، وزكاة للنفس، فهى طهارة معنوية للنفس، ونماء حسّي للمال، وشعور بأحوال إخوانك المحتاجين، والجزاء من جنس العمل، والصدقة نفع للآخرين، وتنفيس لكربهم، وإدخال للسرور عليهم، وذلك يتطلب منا استحضارها مهما كانت قليلة ليعظم أجرها، ولربما سبق درهم مئة ألف درهم، وإن لم يفتح عليك في باب الصدقات، فكن سببا في بعض صدقات المتصدقين.

فلربما تمت صدقات كثيرة كنت أنت سببها، وكتب لك مثل أجورهم، والإنفاق في سبيل الله تعالى من أعظم التحديات التي تواجه الإنسان، لحبه الشديد للمال، وحرصه عليه، فقال تعالى ” وتحبون المال حبا جما” ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة المال بقوله ” إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتى المال” رواه الترمذى، وبعضهم أصبح عبدا للمال، ويقول صلى الله عليه وسلم ” تعس عبد الدينار والدرهم” رواه البخارى، فهو بخل بما أعطاه الله تعالى ظانا أن ذلك خير له، فإن المال أمانة عند العباد، وهم مستخلفون فيه، وإن من أهم المعايير التي يقاس بها إيمان المرء هو الصدقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” والصدقة برهان” رواه مسلم، وهى تجارة عظيمة مع الله تعالى، وجهاد في سبيل الله بالمال، وفيها نجاة للعباد من العذاب الأليم، ومن أراد تنمية ماله فلينفق منه في سبيل الله تعالى.

وما أنفقه العبد في سبيل الله تعالى هو الذي يجده أمامه يوم القيامة، وما يبقيه في الأرصدة فهو مُلك للورثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله” قالوا يا رسول الله، ما أحدنا إلا ماله أحب إليه، قال ” فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر” رواه البخارى، وإن البعض يظن أنه هو المالك الحقيقى للمال، وهو ظن خاطئ لأن المال مال الله تعالى ساقه إليك من حيث لا تحتسب، وجعلك مستخلفا فيه، فقال تعالى فى سورة النور ” وآتوهم من مال الله الذى آتاكم” وبالصدقة يدفع اللهُ تعالى البلاء عن العبد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” صنائع المعروف تقى مصارع السوء وصدقة السر تطفئ فضب الرب وصلة الرحم تزيد فى العمر” رواه الطبرانى، وقيل أيضا والصدقة تطفئ الخطيئة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” الصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار” رواه الترمذى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.